• امروز : دوشنبه - 10 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Monday - 29 April - 2024
0

التبرک بآثار اولیاء الله

  • 20 شعبان 1440 - 9:58
التبرک بآثار اولیاء الله

  إنّ دراسة التاريخ الإسلامي وسيرة المسلمين في صدر الإسلام تكشف وبوضوح أنّ التبرّك بآثار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكلّ ما يرتبط به (صلى الله عليه وآله وسلم) كقبره، وتربته، وعصاه، وملابسه، والصلاة في الأماكن التي صلّى فيها (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أو مشى فيها، وكلّ ذلك كان يمثّل في الواقع ثقافة إسلامية رائجة في ذلك الوقت، […]

 

إنّ دراسة التاريخ الإسلامي وسيرة المسلمين في صدر الإسلام تكشف وبوضوح أنّ التبرّك بآثار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكلّ ما يرتبط به (صلى الله عليه وآله وسلم) كقبره، وتربته، وعصاه، وملابسه، والصلاة في الأماكن التي صلّى فيها (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أو مشى فيها، وكلّ ذلك كان يمثّل في الواقع ثقافة إسلامية رائجة في ذلك الوقت، وكانوا يرومون من ورائه أحد أمرين:

1. التبرّك بالآثار تيمّناً بها لغاية استنزال الفيض الإلهي من خلال ذلك الطريق، كما حدث ليعقوب(عليه السلام) عن طريق قميص ولده يوسف(عليه السلام).

2. الدافع والباعث لهم هو حبّهم ومودتهم للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، إذ يحثّانهم لتكريم كلّ ما ينتسب إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) من درع، أو سيف، أو ملابس، أو قدح قد شرب بها، أو بئر، أو عصاً كان قد استعملها، أو خاتم، أو… ، فكلّ تلك الآثار كانت مورد اهتمام أصحابه وأنصاره (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بل كان الخلفاء يتوارثون ختمه وخاتمه (صلى الله عليه وآله وسلم) .

وفي الختام نرى من اللازم التذكير بمسألتين مهمتين، هما:

المسألة الأُولى: كانت للإمام أحمد بن حنبل ـ إمام الحنابلة والذي له منزلة وقداسة خاصة في أوساط أهل السنّة ـ رؤية ثاقبة في مسألة التبرّك، وهذا ما أكّدته كلماته التي نقلت عنه وكذلك سيرته، فمن ذلك:

قال العز بن جماعة الحموي الشافعي (المتوفّى 819هـ) في كتاب «العلل والسؤالات» قال عبد اللّه: سألت أبي عن الرجل يمسّ منبر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتبرّك بمسّه ويقبّله، ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب اللّه تعالى: قال: لا بأس به.[1]

وقال العلاّمة أحمد بن محمد المقري المالكي (المتوفّى 1041هـ) في «فتح المتعال» نقلاً عن ولي الدين العراقي قال: أخبر الحافظ أبو سعيد بن العلا، قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر[2] وغيره من الحفّاظ: انّ الإمام أحمد سُئل عن تقبيل قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتقبيل منبره؟ فقال: لا بأس بذلك.

قال: فأريناه التقي ابن تيمية فصار يتعجّب من ذلك، ويقول: عجبت من أحمد عندي جليل، هذا كلامه أو معنى كلامه.

وقال: وأي عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنّه غسل قميصاً

للشافعي وشرب الماء الذي غسله به.[3]

وإذا كان هذا تعظيمه لأهل العلم، فما بالك بمقادير الصحابة وكيف بآثار الأنبياء (عليهم السلام) ؟[4]

المسألة الثانية: لقد بحث الكثير من العلماء في مسألة التبرّك، إلاّ أنّه قد صنف مؤخراً كتابان قيّمان في هذا المجال قد بذل مؤلّفاهما غاية الجهد، ودرسا المسألة من جميع أبعادها، وسلّطا الضوء على كافة الخفايا التي تكمن في البحث وأوضحا بما لا مزيد عليه تلك القضية البالغة الأهمية. والكتاب الأوّل لأحد أعلام أهل السنّة، والثاني لعالم شيعي،والكتابان هما:

1. «تبرّك الصحابة بآثار النبي والصالحين» للعلاّمة المحقّق والمؤرّخ الخبير محمد طاهر بن عبد القادر بن محمود المكي، طبع الكتاب في القاهرة، مطبعة المدني، عام 1385هـ.ق .

2. «التبرك» بقلم المحقّق الخبير آية اللّه علي الأحمدي الميانجي(1344ـ 1421هـ)، فقد تتبّع(قدس سره) في كتابه هذا وبنحو يثير الإعجاب حقّاً ـ المسألة من جميع أبعادها التاريخية والحديثية و…، وأثبت بما لا مزيد عليه وبنحو لا يدع للترديد أو الشكّ مجالاً في أنّ سيرة المسلمين عامّة والصحابة والتابعين خاصة كانت قائمة على التبرّك بآثار النبي والصالحين.

فإنّ ما نشاهده اليوم عند قبر خاتم المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وما يقوم به من يطلق عليهم لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المنع عن تقبيل ضريح الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وما يمت إليه بصلة تحت غطاء الاتّهام بالشرك والابتداع و…، ففي
الحقيقة أنّ ما تقوم به هذه اللجان ذنب لا يغتفر، وانحراف فكري نابع عن عدم إدراك المفاهيم الإسلامية، ولو أنّ مشايخ هذه الطائفة سمحت بانعقاد مؤتمر إسلامي يجتمع فيه علماء الفرق الإسلامية لدراسة المسألة من جذورها، لرفع الكثير من الإبهام، وأُزيل الكثير من اللبس، ولانكشفت القضية بأجلى صورها، ولحلّ بدل التكفير والتفسيق الود والإلفة الإسلامية،ولحل الوئام بدل العداوة والخصام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] وفاء الوفا:2/443.
[2] هو الحافظ محمد بن ناصر أبو الفضل البغدادي توفّـي سنة 550هـ قال ابن الجوزي في المنتظم:10/163: «كان حافظاً متقناً ثقة لا مغمز فيه».
[3] ذكره ابن الجوزي في مناقب أحمد: 455، وابن كثير في تاريخه:10/331.
[4] انظر الغدير:5/150ـ 151.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=16705