• امروز : جمعه - 7 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Friday - 26 April - 2024
2

الذهبي وارث ابن تيمية

  • 21 ذو القعدة 1440 - 12:12
الذهبي وارث ابن تيمية

  الوارث المعروف لابن تيمية هو ابن قيم الجوزي، ولكن الذهبي وارث خفي لم يسلط الضوء عليه، لذلك رجحنا أن نخصه بالبحث. قال السبكي في طبقات الشافعية في: 2/13 واصفاً ميل الذهبي إلى التجسيم والمجسمة: (ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح في العقيدة فجرحه لذلك، وإليه أشار الرافعي […]

 

الوارث المعروف لابن تيمية هو ابن قيم الجوزي، ولكن الذهبي وارث خفي لم يسلط الضوء عليه، لذلك رجحنا أن نخصه بالبحث.

قال السبكي في طبقات الشافعية في: 2/13 واصفاً ميل الذهبي إلى التجسيم والمجسمة:

(ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح في العقيدة فجرحه لذلك، وإليه أشار الرافعي بقوله: وينبغي أن يكون المزكون براء من الشحناء والعصبية في المذهب خوفاً من أن يحملهم ذلك على جرح جدل أو تزكية فاسق، وقد وقع هذا لكثير من الأئمة جرحوا بناء على معتقدهم وهم المخطئون والمجروح مصيب، وقد أشار شيخ الإسلام سيد المتأخرين تقي الدين ابن دقيق العيد في كتابه الإقتراح إلى هذا وقال: أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام. ومن ذلك قول بعض المجسمة في أبي حاتم بن حبان: لم يكن له كبير دين. نحن أخرجناه من سجستان لأنه أنكر الحد لله!

فيا ليت شعري من أحق بالإخراج من يجعل ربه محدوداً أو من ينزهه عن الجسمية؟! وأمثلة هذا تكثر، وهذا شيخنا الذهبي من هذا القبيل له علم وديانة وعنده على أهل السنة تحمل مفرط، فلا يجوز أن يعتمد عليه).

وقال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 315:

(الغريب أن المبتدعة يقولون: لا نصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ثم يقولون: استوى على العرش بذاته، فمن أين جاءوا بلفظة (بذاته) هذه! وأين وردت في الكتاب والسنة!

وهي لفظة تفيد التجسيم صراحة، وتؤيد قول أئمتهم (بجلوس معبودهم على العرش حتى يفضل منه مقدار أربع أصابع)!

وقد وقع ذلك للخلال فنقل في كتابه (السنة) عن مجاهد بسند ضعيف أكثر من خمسين مرة تفسير المقام المحمود الوارد في قوله تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، بجلوس الرب تعالى عما يقولون على العرش وإجلاسه سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم بجنبه في الفراغ المقدر عندهم بأربع أصابع!

وقد أنكر الحافظ الذهبي الذي تعدل مزاجه فيما بعد شبابه ورجع عما أسلف في كتابه سير أعلام النبلاء على من زاد لفظة (بذاته) بعد العلو أو الإستواء ونحوهما فقال هنالك ما نصه (قد ذكرنا أن لفظة بذاته لا حاجة إليها وهي تشغب النفوس). انتهى.

ولكن الباحث السقاف لم يلتفت إلى أن الذهبي لم ينف ولو مرة واحدة نزول الله تعالى بذاته!

ويتضح ذلك من مراجعة كلام الذهبي في سيره: 19/605 قال:

(أبو الحسن بن الزاغوني الإمام العلامة شيخ الحنابلة، قال ابن الجوزي: صحبته زماناً وسمعت منه وعلقت عنه الفقه والوعظ، ومات في سابع عشر المحرم سنة سبع وعشرين وخمس مئة، وكان الجمع يفوق الاحصاء قال ابن الزاغوني في قصيدة له:

إني سأذكر عقد ديني صادقاًنهج ابن حنبل الإمام الأوحد

منها:

عال على العرش الرفيع بذاتهسبحانه عن قول غاوٍ ملحد

قد ذكرنا أن لفظة بذاته لا حاجة إليها وهي تشغب النفوس، وتركها أولى والله أعلم). انتهى.

ولو سلمنا أن هذه العبارة من كلام الذهبي فلابد أن نفسرها بما يتناسب مع مذهبه، ومذهبه هو الجلوس الحسي لله تعالى على العرش ونزوله الحسي إلى السماء الدنيا!

غاية الأمر أنه يرى أن ترك الكلام في لوازم مذهبه أولى، لأن كلمة بذاته ثقيلة على نفوس المسلمين فلا (ينبغي) أن تقال، بل يجب أن تبقى من أسرار المذهب وتقال لأهلها فقط!

ويدل على ذلك أن الذهبي ساق ترجمة الزاغوني شيخ الحنابلة وذكر تكفيره فيها للمسلمين غير المجسمة، ولم ينكر عليه ذلك، بل كأنه ارتضاه!

ويؤيد ذلك ما قاله الذهبي في سيره: 20 /331:

(ومسألة النزول فالإيمان به واجب وترك الخوض في لوازمه أولى وهو سبيل السلف، فما قال هذا نزوله بذاته إلا إرغاماً لمن تأوله وقال نزوله إلى السماء بالعلم فقط، نعوذ بالله من المراء في الدين!

وكذا قوله: وجاء ربك ونحوه، فنقول جاء وينزل، وننهى عن القول ينزل بذاته، كما لا نقول ينزل بعلمه، بل نسكت ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم بعبارات مبتدعة!) انتهى.

فقد رد الذهبي تأويل النزول بغير ذاته، وفي نفس الوقت اعتبر أن الذي قال بذاته معذور لأنه قاله إرغاماً لمن تأوله وجادله وماراه في الدين، وهذا يدل على أنه يتبنى نزول الله بذاته، ولكنه نهى جماعته المجسمة عن القول (نزل بذاته) حتى لا يثيروا الآخرين عليهم!

ويكمن مذهب الذهبي في قوله (وترك الخوض في لوازمه أولى) فهو يعرف أن للنزول الحسي لوازم وهو يؤمن بها، ولكن عدم ذكرها أولى! أما إذا قال ذلك أحد مضطراً في مقابل خصمه فهو معذور ولا بأس به!

ويؤيد ذلك ما قاله في ترجمة المجسم المسمى (كوتاه) الذي هجره شيخه لأنه كان يقول (نزل بذاته) واستقبله المجسمة في الشام، قال في تذكرة الحفاظ: 4/13: (كوتاه – كلمة فارسية بمعنى قصير – الحافظ الإمام المفيد أبو مسعود عبد الجليل بن محمد قال أبو موسى المديني: أوحد وقته في علمه مع حسن طريقته وتواضعه، وهو من مقدمي أصحاب شيخنا إسماعيل الحافظ، حضرت مجلس أماليه وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني عليه ثناء حسنا ويفخم أمره ويصفه بالحفظ والإتقان!

قلت: وسمع بنيسابور من عبد القاهر الشيروي وببغداد من طائفة، وكان يقول ينزل بذاته فهجره شيخه إسماعيل لإطلاق هذه العبارة، وقد روى عنه الحافظ ابن عساكر والحافظ يوسف الشيرازي). انتهى.

ويؤيد ذلك أيضاً دفاعه ومدحه للحافظ عبد الغني المشهور بالتجسيم!

قال في سيره: 21/ 463:

(قلت: وذكر أبو المظفر الواعظ في مرآة الزمان قال: كان الحافظ عبد الغني يقرأ الحديث بعد الجمعة قال: فاجتمع القاضي محيي الدين، والخطيب ضياء الدين، وجماعة فصعدوا إلى القلعة وقالوا لواليها: هذا قد أضل الناس، ويقول بالتشبيه، فعقدوا له مجلساً فناظرهم، فأخذوا عليه مواضع: منها قوله: لا أنزهه تنزيها ينفي حقيقة النزول، ومنها: كان الله ولا مكان، وليس هو اليوم على ما كان.

ومنها: مسألة الحرف والصوت، فقالوا: إذا لم يكن على ما كان فقد أثبت له المكان، وإذا لم تنزهه عن حقيقة النزول فقد جوزت عليه الإنتقال، وأما الحرف والصوت فلم يصح عن إمام كـ (ابن حنبل) وإنما قال إنه كلام الله، يعني غير مخلوق، وارتفعت الأصوات، فقال والي القلعة الصارم برغش: كل هؤلاء على ضلالة وأنت على الحق؟ قال: نعم فأمر بكسر منبره. قال:

وخرج الحافظ إلى بعلبك، ثم سافر إلى مصر، إلى أن قال: فأفتى فقهاء مصر بإباحة دمه، وقالوا: يفسد عقائد الناس، ويذكر التجسيم، فكتب الوزير بنفيه إلى المغرب، فمات الحافظ قبل وصول الكتاب.

وقال أيضاً: وفي ذي القعدة سنة ست وتسعين وخمس مئة كان ما اشتهر من أمر الحافظ عبد الغني وإصراره على ماظهر من اعتقاده وإجماع الفقهاء على الفتيا بتكفيره، وأنه مبتدع لا يجوز أن يترك بين المسلمين، فسأل أن يمهل ثلاثة أيام لينفصل عن البلد فأجيب.

قلت: قد بلوت على أبي المظفر (ابن الجوزي) المجازفة وقلة الورع فيما يؤرخه والله الموعد، وكان يترفض، رأيت له مصنفاً في ذلك فيه دواه، ولو أجمعت الفقهاء على تكفيره كما زعم لما وسعهم إبقاؤه حياً، فقد كان على مقالته بدمشق أخوه الشيخ العماد والشيخ موفق الدين، وأخوه القدوة الشيخ أبو عمر، والعلامة شمس الدين البخاري، وسائر الحنابلة، وعدة من أهل الأثر، وكان بالبلد أيضاً خلق من العلماء لا يكفرونه، نعم ولا يصرحون بما أطلقه من العبارة لما ضايقوه (؟) ولو كف عن تلك العبارات، وقال بما وردت به النصوص لاجاد ولسلم فهو (الأولى) فما في توسيع العبارات الموهمة خير، وأسوأ شئ قاله أنه ضلل العلماء الحاضرين، وأنه على الحق، فقال كلمة فيها شر وفساد وإثارة للبلاء، رحم الله الجميع وغفر لهم، فما قصدهم إلا تعظيم الباري عز وجل من الطرفين، ولكن الأكمل في التعظيم والتنزيه الوقوف مع ألفاظ الكتاب والسنة، وهذا هو مذهب السلف رضي الله عنهم. وبكل حال فالحافظ عبد الغني من أهل الدين والعلم والتأله والصدع بالحق، ومحاسنه كثيرة، فنعوذ بالله من الهوى والمراء والعصبية والإفتراء، ونبرأ من كل مجسم ومعطل). انتهى.

وقد كان الذهبي بارعاً في محاولته إلصاق مذهبه ومذهب أستاذه ابن تيمية بمفوضة السلف، حيث استغل سكوتهم وفسره بأنه تبن للتفسير الحسي!

قال في سيره: 10/505:

(قلت قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم وما أبقوا ممكناً، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلاً وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغاً أو حتماً لبادروا إليه، فعلم قطعاً أن قراءتها وإقرارها على ما جاءت هو الحق، لا تفسير لها غير ذلك، فنؤمن بذلك ونسكت اقتداء بالسلف). انتهى.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=27360