• امروز : دوشنبه - 10 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Monday - 29 April - 2024
0

الجمود على الألفاظ أرضية التجسيم

  • 18 ذو القعدة 1440 - 11:24
الجمود على الألفاظ أرضية التجسيم

  تدل مصادر الكلام والسير على أن أنصار مذهب التجسيم أكثر ما كانوا من أتباع الدولة، ومن الحشوية الذين يتشبثون بكل ما يروى بدون فهم، وسيأتي كلام ابن الجوزي أنه (عمَّ جَهَلَةَ الناقلين وعموم المحدثين) وكثر هؤلاء في الحنابلة من بين المذاهب. وقد حاول بعضهم أن يبرئ الحنابلة من التجسيم، ولكنه أمر ثابت عن كثير […]

 

تدل مصادر الكلام والسير على أن أنصار مذهب التجسيم أكثر ما كانوا من أتباع الدولة، ومن الحشوية الذين يتشبثون بكل ما يروى بدون فهم، وسيأتي كلام ابن الجوزي أنه (عمَّ جَهَلَةَ الناقلين وعموم المحدثين) وكثر هؤلاء في الحنابلة من بين المذاهب.

وقد حاول بعضهم أن يبرئ الحنابلة من التجسيم، ولكنه أمر ثابت عن كثير منهم، بل هو معروف عنهم حتى أن الزمخشري نقل هذه الأبيات في الكشاف: 2 /573 طبع مصر عام 1307:

إذا سألوا عن مذهبي لم أبح بهأكتمه، كتمانه لي أَسْلَمُفإن حنفياً قلت قالوا بأننيأبيح الطلا وهو الشراب المحرموإن حنبلياً قلت قالوا بأننيثقيل حُلُوليٌّ بغيضٌ مجسِّمُ

وقال الفخر الرازي في المطالب العالية مجلد 2 جزء 2 ص 25:

(الفصل الثالث في إقامة الدلائل على أنه تعالى يمتنع أن يكون جسماً.

لأهل العلم في هذا الباب قولان: فالجمهور الأعظم منهم اتفقوا على تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الجسمية والحصول في الحيِّز، وقال الباقون إنه متحيز وحاصل في الحيز، وهؤلاء هم المجسمة.

ثم القائلون بأنه جسم اختلفوا في أشياء، فالأول: أنهم في الصورة على قولين، منهم من قال إنه على صورة الإنسان ومنهم من لا يقول به. أما الأول فالمنقول عن مشبهة المسلمين أنه تعالى على صورة إنسان شاب، والمنقول عن مشبهة اليهود أنه على صورة إنسان شيخ.

والموضع الثاني من مواضع الإختلافات: أن المجسمة اختلفوا في أنه هل يصح عليه الذهاب والمجيء والحركة والسكون، فأباه بعض الكرامية وأثبته قوم منهم، وجمهور الحنابلة يثبتونه).

وقال في المطالب العالية مجلد1 جزء 1 ص 26:

(إن المجسمة اختلفوا في أنه هل يصح عليه الذهاب والمجيء، القائلون بأنه نور ينكرون الأعضاء والجوارح مثل الرأس واليد والرجل، وأكثر الحنابلة يثبتون هذه الأعضاء والجوارح).

وقال الخطابي في معالم السنن: 4/302:

(مذهب العلماء والأئمة الفقهاء أن يجروا مثل هذه الأحاديث (أحاديث الصفات) على ظاهرها وأن لا يريغوا لها المعاني ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها، وقد زل بعض شيوخ أهل الحديث حين روى حديث النزول ثم أقبل يسأل نفسه عليه فقال: إن قال قائل ينزل ربنا إلى السماء؟ قيل له ينزل كيف شاء، فإن قال هل يتحرك؟ فقال: إن شاء، وإن شاء لم يتحرك). انتهى.

وقد تبنى الخطابي بكلامه المذكور مذهب التفويض، وإن عبر بإجراء الصفات على ظاهرها، أي بإبقائها على ظاهرها بدون تفسير، وإنما أوردنا كلامه هنا لنبين أن هذا التعبير الذي جاء على لسان بعض المفوضة، كان البذرة لولادة المذهب الثالث، والقشة التي تمسك بها أصحابه فادعوا أن تعابير القدماء بإبقاء الآيات والأحاديث على ظاهرها، والتوقف على ظاهرها، وإقرارها وإمرارها كما هي، أو كما جاءت، أو كما وردت، قصدوا به تفسيرها بظاهر اللغة الحسي الذي هو التجسيم بعينه.

ويظهر من آخر نص الذهبي التالي، أن الغزالي قاد موجة ضد التجسيم والمجسمين، قال في سيره: 17/558: (قلت: فهذا المنهج هو طريقة السلف، وهو الذي أوضحه أبو الحسن وأصحابه، وهو التسليم لنصوص الكتاب والسنة، وبه قال ابن الباقلاني، وابن فورك، والكبار إلى زمن أبي المعالي، ثم زمن الشيخ أبي حامد، فوقع اختلاف وألوان، نسأل الله العفو). انتهى.

وهو يدل على أن اتجاه التجسيم إنما قوي في عصر السلاجقة على يد أبي المعالي الجويني النيشابوري المعروف بإمام الحرمين المتوفى سنة 478 هـ الذي طرده أهل نيشابور منها، ثم تبناه السلاجقة وعينوه شيخا في المدرسة النظامية ببغداد، فتبنى في آخر عمره هذا المذهب بعد أن كان متأولاً.

ثم جاء الغزالي بعده فخالفه وأحدث موجة لمصلحة المتأولين، وإن كان الملاحظ أن الغزالي حاول إرضاء المجسمة في عدد من تفسيراته.

ويحسن مراجعة كتاب (العقائد الإسلامية) المجلد الثاني فقد عقدنا فيه فصلاً عن مكانة المشبهين والمجسمين في مصادر السنيين.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=27004