لقد سارت السنّة النبوية على منوال القرآن الكريم حيث جاء فيها نماذج كثيرة من الأحاديث والروايات التي تمّ فيها الحلف بغير اللّه سبحانه وتعالى، نشير إلى بعضها:
1. قال مسلم في صحيحه:
«جاء رجل إلى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول اللّه، أيّ الصدقة أعظم أجراً؟
فقال: «أما وأبيك لتنبّأنّه، أن تُصدّق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل البقاء».[1]
2. وروى مسلم أيضاً:
جاء رجل إلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ من نجد ـ يسأل عن الإسلام ، فقال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) : «خمس صلوات في اليوم والليل».
فقال: هل عليّ غيرهن؟ قال: «لا… إلاّ أن تطوّع، وصيام شهر رمضان».
فقال: هل عليّ غيره؟
قال: «لا… إلاّ أن تطوّع»، وذكر رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) الزكاة.
فقال الرجل: هل عليّ غيره؟ قال: «لا إلاّ أن تطوع».
فأدبر الرجل وهو يقول: واللّه لا أزيد على هذا ولا أنقص منه.
فقال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): «أفلح ـ وأبيه ـ إن صدق».
أو قال: «دخل الجنة ـ وأبيه ـ إن صدق».[1]
ولم يختص الأمر بالرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) ، بل تجد ربيب الرسالة وتلميذ النبي الأكرم والنموذج السامي للرجال المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب يضمّن خطبه وكلماته ـ التي تنبع كلّها من عين الرسالة المحمدية وتنهل من نميرها ـ بهذا النحو من الحلف، فيقسم(عليه السلام) كثيراً بنفسه ويقول: «لعمري»[2]أو يقسم بعمر أب مخاطبه فيقول: «لعمر أبيك».[3]
وقد حلف غير واحد من الصحابة بغيره سبحانه، فهذا أبو بكر بن أبي قحافة ـ على ما يرويه مالك في الموطّأ ـ قد حلف بغير اللّه، قال مالك: إنّ رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل، قدم فنزل على أبي بكر فشكا إليه انّ عامل اليمن قد ظلمه، فكان يصلّي من الليل، فيقول أبو بكر: «وأبيك ما ليلك بليل سارق».[4]
إلى غير ذلك من الأقسام الواردة في كلامه(صلى الله عليه وآله وسلم) وكلام الأئمّة(عليهم السلام) والصحابة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح مسلم:3/94، باب أفضل الصدقة من كتاب الزكاة.
[2] صحيح مسلم:1/32، باب ما هو الإسلام.
[3] انظر نهج البلاغة: الخطبة 24، 33، 56، 89.
[4] نهج البلاغة: الخطبة25.
[5] موطأ مالك بشرح الزرقاني:4/159، الحديث 580.