• امروز : جمعه - 14 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Friday - 3 May - 2024
0

ليلة القدر واختلاف المناطق

  • 23 رمضان 1440 - 13:55
ليلة القدر واختلاف المناطق

  تبرز واحدة من المسائل المهمّة على صعيد البحث في ليلة القدر ، بطبيعة هذه اللّيلة ، وفيما إذا كانت واحدة في المناطق المختلفة أم متفاوتة ؟ لقد قاد البحث في هذه المسألة إلى تبلور عدد من النظريات ، نشير لها كما يلي : 1 . النظرية المنسوبة إلى مشهور فقهاء الإمامية ، فيما يذهب […]

 

تبرز واحدة من المسائل المهمّة على صعيد البحث في ليلة القدر ، بطبيعة هذه اللّيلة ، وفيما إذا كانت واحدة في المناطق المختلفة أم متفاوتة ؟ لقد قاد البحث في هذه المسألة إلى تبلور عدد من النظريات ، نشير لها كما يلي :

1 . النظرية المنسوبة إلى مشهور فقهاء الإمامية ، فيما يذهب إليه هؤلاء من عدم تساوي بداية الشهور القمرية في جميع البلدان ، بل يعدّ اتحاد الاُفق [1] بينها شرطا في ثبوت الهلال . والنتيجة الّتي تترتّب على هذه النظرية ، أنَّ ليلة القدر لن تكون واحدة في جميع المناطق والبلدان .
2 . ما ذهب إليه عدد من المحققين ، من أنَّ بداية الشهور القمرية هي واحدة في جميع المناطق،وعندئذٍ إذا ثبت شهر رمضان في منطقة فسيثبت في بقية المناطق أيضا  . وَفقا للمبنى الّذي تستند إليه هذه النظرية ، فإنّ ليلة القدر واحدة في جميع المناطق والأقاليم والبلدان . 3 . تفيد النظرية الثالثة إلى أنَّ ليلة القدر عبارة عن دورة كاملة للَّيل في كلّ الكرة الأرضية ، وحينئذٍ ليس هناك فرق بين تساوي بداية الشهور القمرية في جميع الأقاليم والمناطق وبين اختلافها فيها . توضيح ذلك : « أنَّ اللَّيل عبارة عن ظلّ نصف الكرة الأرضية الساقط على النصف الآخر ، ونحن نعرف أنَّ هذا الظلّ في حركة تبعا لدوران الأرض ، بحيث تتمّ دورته الكاملة خلال أربع وعشرين ساعةً ، على هذا الأساس يمكن لليلة القدر أن تكون عبارة عن دورة ليليّة كاملة حول الأرض ، بمعنى أنَّ أربعا وعشرين ساعةً من الظلام الّذي يغطي جميع نقاط الأرض تمثّل ليلة القدر ، الّتي تبتدأ من نقطة معيّنة وتنتهي في نقطة اُخرى » . على هذا الضوء ، يبدو من غير الصحيح فصل حكم ليلة القدر عن حكم اليوم الأوّل من الشهر ، فلو قبلنا استدلال النظرية الثالثة ، واعتبرنا ليلة القدر أربعا وعشرين ساعةً فيمكن أن نتعامل بالطريقة ذاتها مع اليوم الأوّل ونعدّه واحدا في جميع المناطق وفي الأقاليم كافّة ، خاصّةً وأنَّ إطلاقات الروايات ستكون مؤيّدة لذلك ، وحينئذٍ ستتوحّد هذه النظرية مع النظرية الثانية . أجل ، نحن نعتقد أنَّ النظرية الثانية أقرب إلى ظواهر القرآن والحديث وإلى مقتضى العقل والاعتبار ، على أنَّ هاهنا نقطة تضاف إلى كلّ الاستدلالات المذكورة لتحديد ليلة القدر وبيان وحدتها ، تتمثّل بموقف أهل البيت عليهم السلام ، فمقتضى الأهمية الاستثنائية الّتي تحظى بها ليلة القدر كانت تملي تنبيه أهل البيت عليهم السلاملتعدّدها لو كانت متعدّدة ، خاصّةً بعد أن اتّسعت جغرافية الإسلام إثر الفتوحات الإسلامية الضخمة الّتي امتدت إلى أقاصي بلدان العالم . ومع ذلك كلّه ، فإنَّ رعاية الاحتياط بملاحظة النظرية المشهورة ، يملي الاستفاضة بالمزيد من عطايا شهر رمضان وبركاته . لكن يالها من سعادة غامرة ينعم بها اُولئك النفر ممّن لا يحتاج إلى مثل هذا الكلام في تحديد ليلة القدر ومعرفتها ، فاُولئك يشاهدون حقائق هذه اللَّيلة ونزول الملائكة والروح ببصيرة القلوب ، وهم من ثَمَّ ينغمرون بجلال هذه اللَّيلة وينعمون ببركاتها وهباتها على أفضل ما يُرجى ، على أنَّ هذه النعمة الّتي يحظى بها هؤلاء لا تقف عند حدود ليلة القدر ، بل تتخطّى ذلك إلى تحديد أوّل الشهر أيضا من دون حاجة إلى الاستهلال وإلى شهادة الشهود وإلى استعمال الأجهزة العلمية . إنّ الفقيه العارف الجليل السيّد ابن طاووس قدس سره يصف هذه الحالة بقوله : « اعلم أنّ تعريف اللّه ـ جلّ جلاله ـ لعباده بشيء من مراده فإنّه لا ينحصر بمجرّد العقل جميع أسبابه ، ولا يدرك بعين الشرع تفصيل أبوابه ؛ لأنّ اللّه ـ جلّ جلاله ـ قادر لذاته ، فهو قادر على أن يعرِّف عباده مهما شاء ومتى شاء بحسب إرادته ، وأعرف على اليقين من يعرف أوائل الشهور وإن لم يكن ناظرا إلى الهلال،ولا حضر عنده أحد من المشاهدين ، ولا يعمل على شيء ممّا تقدَّم من الروايات،ولا بقول منجّم ولا باستخارة ، ولا بقول أهل العدد ، ولا في المنام ، بل هو من فضل ربّ العالمين الّذي وهبه نور الألباب من غير سؤال،وألهمه العلم بالبديهيّات من غير طلب لتلك الحال، ولكن هو مكلَّف بذلك وحدَه على اليقين حيث علم به على التعيين » . [2] يبدو أنَّ الإشارة في النصّ هي إلى شخص السيّد ابن طاووس نفسه ، بيد أنّه امتنع عن التصريح نأيا عن امتداح النفس والثناء عليها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] إلاّ في الحالات الّتي يثبت فيها الهلال بالرؤية القطعية .
[2] إلاّ في الحالات الّتي يثبت فيها الهلال بالرؤية القطعية .


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=20919

اخبار المتشابه