• امروز : جمعه - 14 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Friday - 3 May - 2024
0

خصائص لیلة القدر (2)

  • 23 رمضان 1440 - 12:51
خصائص لیلة القدر (2)

  ـ بداية سنة التقدير إن بداية السَّنة تختلف تبعا لتعدد الاعتبارات ، ومن ثَمَّ فإنَّ الروايات الّتي تنصّ على أنَّ ليلة القدر هي أوّل السَّنة ورأسها على ما ذكرنا بعضها في المتن ، إنّما جاءت باعتبار سنة تقدير اُمور الناس وتدبير شؤونهم وما يحصل لهم وما يكون ، وهي بهذه المثابة أو الاعتبار آخر […]

 

ـ بداية سنة التقدير

إن بداية السَّنة تختلف تبعا لتعدد الاعتبارات ، ومن ثَمَّ فإنَّ الروايات الّتي تنصّ على أنَّ ليلة القدر هي أوّل السَّنة ورأسها على ما ذكرنا بعضها في المتن ، إنّما جاءت باعتبار سنة تقدير اُمور الناس وتدبير شؤونهم وما يحصل لهم وما يكون ، وهي بهذه المثابة أو الاعتبار آخر السَّنة أيضا ، أي آخر السَّنة المقدَّرة الّتي مضت ، وأوّل السَّنة المقدّرة الجديدة .

ـ اختصاصها بولاة الأمر

الخصيصة الثالثة الّتي تحفّ ليلة القدر ، أنَّ اللّه سبحانه يُطلع في هذه الليلة أكمل الناس وأفضل بني آدم وأسماهم على صورة تقديره وحكمه ومسار تدبيره للعباد . فنجد في تفسير القميِّ في ذيل الآية الكريمة : « تَنَزَّلُ الْمَلَئِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا »ما نصّه : « تَنَزَّلُ المَلائِكةُ وروحُ القُدُسِ عَلى إمامِ الزَّمانِ ، ويَدفَعونَ إلَيهِ ما قَد كَتَبوهُ مِن هذِهِ الاُمورِ » . [1] هذه العملية وإن كانت لا تنسب إلى المعصوم صراحةً ، إلاّ أنّها تعدّ حصيلة لمدلولات ما جاء من روايات في هذا الباب ، وعندئذٍ يمكن القول : إنَّ من خصائص ليلة القدر اختصاصها بالإمام المهدي ـ عجل اللّه تعالى فرجه ـ ، ممّا يعني أنَّ التوسل به عليه السلام في هذه الليلة خاصّة له دوره النافذ في تيسير اُمور الإنسان وفتح الآفاق أمامه ، لما يؤدّي إلى تغيير مصيره باتجاه تحقيق المزيد من المكاسب لسنته الجديدة .

ـ خير من ألف شهر !

يسجّل القرآن الكريم صراحةً : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ » الأمر الّذي يدلّل على الطابع الاستثنائي المتميّز لهذه البرهة الزمنية وما تنطوي عليه من فرادة في بركاتها ، على النحو الّذي يعادل العمل الصالح فيها ؛ العملَ الصالح خلال عمر طويل ينوف على الثمانين عاما ! تجاوبا مع هذا المعنى ، جاء في تفسير الآية ما نصّه : « العَمَلُ الصّالِحُ فيها مِنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وأنواعِ الخَيرِ ، خَيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ لَيسَ فيها لَيلَةُ القَدرِ » . [2] وهذا الثراء العريض في بركات هذه اللّيلة وغناها ، هو الّذي يفسّر في الحقيقة حثّ النَّبي والأئمّة وتحريضهم المسلمين على أن ينتفعوا من ليلة القدر لحظة فلحظة ، حتّى نهى النَّبي صلى الله عليه و آله من النوم في اللّيلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان[3] ، وهو الّذي يفسّر أيضا حرص بضعته البتول السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلامعلى ألاّ ينام أحد من أهل بيتها في هذه اللّيلة [4] . أجل ، إنَّ من يعيش نعمة الإيمان بالقرآن ، ويدرك أنَّ العملَ في ليلة واحدة يعادل في بركاته لحياته الخالدة وعطاءاته لتلك الحياة الأبدية ، العملَ خلال عمر طويل ، لا يسعه التفريط بهذه الفرصة الثمينة الغالية والهبة الّتي لا تضاهى .

ثانيا: استخدام الفعل المضارع « تنَزّل » في سورة القدر له دلالته على الاستمرار، وكذلك يشير استعمال الجملة الاسمية : « سَلَـمٌ هِىَ حَتَّى مَطْـلَعِ الْفَجْرِ » إلى الدوام . ثالثا : أكّد القرآن الكريم عدّة مرّات على ثبات السنّة الإلهية في تدبير العالم ، وأنَّه لا تغيير في هذه السنّة ولا تبديل [5] ، ومن ثَمَّ فإنّ هذه السنّة الإلهية الّتي تقضي بتدبير أُمور الإنسانية وتقدير شؤونها ، عامّة تشمل الاُمم والأقوام جميعا في الماضي والحاضر والمستقبل . رابعا : ثَمَّ روايات مستفيضة وربما متواترة تفيد دوام ليلة القدر واستمرارها بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله [6] ، كما ثَمَّ عدد من الروايات يؤيّد دوام هذه اللّيلة ، وأنّها كانت منذ أول الخليقة [7]وتستمرّ مع الإنسان حتّى نهاية العالم . على ضوء ذلك كلّه يتّضح مصير الرواية الّتي جاءت في تفسير « الدرّ المنثور » فيما روي عن النَّبي صلى الله عليه و آله ، من قوله : « إنَّ اللّه َ وَهَبَ لاُِمَّتي لَيلَةَ القَدرِ ولَم يُعطِها مَن كانَ قَبلَهُم » [8] فعلاوة على ما فيها من ضعف السند ، فلا يمكن الركون إلى مدلولها باعتبار القرائن والأدلّة الّتي سلفت الإشارة إليها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] تفسير القمّي : ج 2 ص 431 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 14 ح 23 .
[2] ثواب الأعمال : ص 92 ح 11 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 19 ح 41 .
[3] راجع : ص 238 ، ح 288 ، وص 247 ، ح 308 .
[4] راجع : ص 247 ، ح 309 .
[5] «فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَ لَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً » (فاطر : 43 ) . وراجع : الإسراء : 77 ، والأحزاب : 38 و 62 ، والفتح : 23 .
[6] راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 417 (استمرار ليلة القدر في كلّ عام) .
[7] راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 417 (استمرار ليلة القدر في كلّ عام) ح 656 .
[8] الدرّ المنثور : ج 8 ص 570 ، كنز العمّال : ج 8 ص 536 ح 24041 كلاهما نقلاً عن الديلمي في الفردوس .


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=20900

اخبار المتشابه