• امروز : جمعه - 28 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Friday - 17 May - 2024
0

الحلف على اللّه بحقّ أوليائه الصالحين

  • 29 شعبان 1440 - 21:06
الحلف على اللّه بحقّ أوليائه الصالحين

لقد أولى القرآن الكريم المؤمنين الذين يدعون اللّه تضرعاً وخفية ويطلبون منه العفو وغفران الذنوب، أهمية خاصة ووصفهم بصفات ونعوت كثيرة كالصابرين، والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار و… قال تعالى: (الصّابِرينَ وَالصّادِقينَ وَالقانِتينَ وَالْمُنْفِقينَ وَالْمُسْتَغْفِرينَ بِالأَسْحار).[1] فلـو انّ إنساناً قـام في جوف الليل ثمّ أسبـغ وضوءه وتـوجه إلى اللّه مصلّياً صلاة الليل ذارفاً دموع الخوف راجياً منه، […]

لقد أولى القرآن الكريم المؤمنين الذين يدعون اللّه تضرعاً وخفية ويطلبون منه العفو وغفران الذنوب، أهمية خاصة ووصفهم بصفات ونعوت كثيرة كالصابرين، والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار و… قال تعالى: (الصّابِرينَ وَالصّادِقينَ وَالقانِتينَ وَالْمُنْفِقينَ وَالْمُسْتَغْفِرينَ بِالأَسْحار).[1]

فلـو انّ إنساناً قـام في جوف الليل ثمّ أسبـغ وضوءه وتـوجه إلى اللّه مصلّياً صلاة الليل ذارفاً دموع الخوف راجياً منه، متضرعاً إليه سبحانه وتعالى قائلاً:

«اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ المستغفرين بالأسحار اغفر لي ذنبي».

فكيف يمكن اعتبار الحلف على اللّه سبحانه بمقام ومنزلة الموحّدين الصالحين الذائبين في التوحيد والإخلاص له سبحانه، نوعاً من الشرك في العبادة؟!

ولقد أوضحنا في بحوثنا السابقة انّ المعيار في العبادة هو: الخضوع مقابل موجود يعتقد أنّه ربّ أو أنّه منشأ لبعض الأعمال الإلهية، والحال أنّ الموحّدين الذين يقسمون على اللّه بحقّ الأنبياء والأولياء ومنزلتهم (عليهم السلام) لا ينطلقون من هذا الاعتقاد المنحرف، بل أقصى ما يعتقدونه في حقّهم أنّهم عباد مقربون للّه سبحانه
يحبّهم اللّه ويحبّونه.

إذا اتّضح ذلك وتبيّن انّ القسم على اللّه تعالى بحقّ الأولياء ليس عبادة لهم ولا شركاً به سبحانه، ننقل الكلام للحديث عن الشق الثاني من البحث ونركّز البحث حوله، وهو: هل أنّ القسم على اللّه تعالى بحقّ الأولياء جائز أم لا؟ لأنّه من الممكن أن يكون الشيء ليس بعبادة لغيره سبحانه، ولكنّه في نفس الوقت غير جائز في نظر الشرع؟

وفي مقام الإجابة عن التساؤل المطروح لابدّ من الرجوع إلى الأحاديث والروايات الإسلامية الواردة عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) واستنطاقها لتنجلي الحقيقة وينكشف الواقع، وها نحن نشير إلى الأدلّة التي تبيح مثل هذا القسم، وهي:

1. لقد ورد القسم في الدعاء الذي علّمه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) للرجل الضرير ـ والذي تحدّثنا عنه سابقاً ـ نرى أنّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) علّم الرجل أن يقول بعد الوضوء والصلاة ـ : «اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبي الرحمة».

صحيح انّه لم ترد في الحديث لفظة «القسم» أو «الحلف» ولكن استعمال لفظة «الباء» في قوله: «بنبيّك» تتضمن معنى القسم.

وحينئذ يطرح السؤال التالي نفسه: إذا كان القسم على اللّه بأوليائه أمراً محرماً فكيف علّم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)الرجل الضرير هذا الدعاء الذي يتضمّن حقيقة ذلك القسم؟!

2. روى أبو سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الدعاء لمن خرج من بيته

قاصداً الصلاة في المسجد:

«اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ السائلين عليك، وأسألك بحقّ ممشاي هذا…».[۲]

قد يدّعي المخالف ضعف الحديث لوجود عطية العوفي في سلسلة سنده، وإذا كان الحديث ضعيفاً يسقط عن الاعتبار ولا يصح الاستدلال به.

ولكن يرد على هذا الادّعاء أنّنا قد أثبتنا أنّ عطية العوفي لاغمز فيه إلاّ من جهة حبّه وولائه لأهل بيت الوحي والنبوة[۳]هذا من جهة، ومن جهة أُخرى أنّ ابن خزيمة قد روى الحديث بطريق صحيح لدى أهل السنّة.

3. عن ع[۴]مر بن الخطاب قال: قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) : «لمّا اقترف آدم الخطيئة، قال: يا ربّ! أسألك بحق محمد لماغفرت لي، فقال اللّه: يا آدم وكيف عرفت محمداً إذ لم أخلقه؟ قال: يا ربّ لأنّك لمّا خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك،رفعت رأسي، فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، فعلمت أنّك لم تُضفْ إلى اسمك إلاّ أحبّ الخلق إليك…».[۵]

ولا يوجد أدنى إشكال في سند الحديث، لأنّ أحاديث المستدرك من ناحية القيمة والاعتبار العلمي كالأحاديث الواردة في الصحيحين.

هذه نماذج من الروايات التي نقلت عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأمّا الأحاديث الواردة عن طريق أئمّة الهدى فكثيرة جداً، وكلّها تثبت بما لا مزيد عليه أنّهم (عليهم السلام)

كانوا دائماً يقسمون على اللّه بحقّ أوليائه الصالحين، ويكفي شاهداً على ما نقول مراجعة الصحيفة السجادية لتتّضح الحقيقة بأجلى صورها.

4. يقول(عليه السلام) في دعائه يوم عرفة مناجيّاً ربّه:

«بحقّ من انتخبت من خلقك، وبمن اصطفيته لنفسك، بحقّ من اخترت من بريّتك،ومن اجتبيت لشأنك، بحقّ من وصلت طاعته بطاعتك،ومن نيطت معاداته بمعاداتك».[۶]

5. وعندما زار الإمام الصادق(عليه السلام)مرقد جدّه الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)دعا في ختام الزيارة:

«اللّهمّ استجب دعائي، واقبل ثنائي، واجمع بيني و بين أوليائي، بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين .[۷]

وكما ذكرنا أنّ الأدعية المروية عن أمير المؤمنين وأبنائه المعصومين (عليهم السلام)تشتمل على الكثير من تلك الأقسام ولا يسع المقام لذكرها جميعاً.

ـــــــــــــــــــــــــ
[1] آل عمران:17.
[۲] سنن ابن ماجة:1/256، برقم 778; مسند أحمد:3/21.
[۳] انظر صفحة 330 من هذا الكتاب.
[۴] انظر تعليقة المحقّق فؤاد عبد الباقي على سنن ابن ماجة.
[۵] مستدرك الحاكم:2/615; الدر المنثور:1/59; روح المعاني:1/217.
[۶] الصحيفة السجادية: الدعاء 47.
[۷] مصباح المتهجّد:682.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=17711