• امروز : یکشنبه - 9 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Sunday - 28 April - 2024
0

الرد علی منطق المخالفین حول البناء علی القبور

  • 26 جمادى الآخرة 1440 - 11:05
الرد علی منطق المخالفین حول البناء علی القبور

  روى مسلم في صحيحه قال: حدّثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن الحرب،قال يحيى: أخبرنا وقال الآخران: حدّثنا وكيع عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي عليّ بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللّه أن لا […]

 

روى مسلم في صحيحه قال: حدّثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن الحرب،قال يحيى: أخبرنا وقال الآخران: حدّثنا وكيع عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي عليّ بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللّه أن لا تدع تمثالاً إلاّ طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلاّ سوّيته.[1]

زعم المستدل أنّ معناه: ولا قبراً عالياً إلاّ سوّيته بالأرض.

ذکرنا سابقا سند الروایة‌، والآن إليك بيان عدم دلالة الحديث على الموضوع بتاتاً:

ضعف دلالة الحديث

إنّ توضيح ضعف دلالة الحديث يتوقّف على بيان معنى اللفظين الواردين فيه:

1. قبراً مشرفاً.

2. إلاّ سوّيته.

أمّا الأوّل: فقال صاحب القاموس: والشرف ـ محركة ـ العلو، ومن البعير سنامه، وعلى ذلك يحتمل المراد منه مطلق العلوّ، أو العلوّ الخاص كسنام البعير الذي يعبّر عنه بالمسنَّم، و لا يتعيّن أحد المعنيين إلاّ بالقرينة.

أمّا الثاني: فهو تارة يُستخدم في بيان مساواة شيء بشيء في الطول أو العرض، فيقال: هذا القماش يساوى بهذا الآخر في الطول.

وأُخرى في التسوية، أي كون الشيء مسطحاً لا انحناء ولا تعرّج فيه.

والفرق بين المعنيين واضح; فإنّ التسوية في الأوّل وصف للشيء بمقايسته مع شيء آخر، وفي الثاني وصف لنفس الشيء ولا علاقة له بشيء آخر.

فلو استعمل في المعنى الأوّل لتعدّى إلى مفعولين: أحدهما بلا واسطة، والآخر بمعونة حرف الجرّ قال تعالى حاكياً عن لسان المشركين وأنّهم يخاطبون آلهتهم بقولهم:(إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمين)، أي نعدّ الآلهة[1] الكاذبة مساوية لربّ العالمين في العبادة أو في الاعتقاد بالتدبير.

وقال سبحانه حاكياً عن حال الكافرين يوم القيامة: (يَوْمَئِذ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الأرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً).[2]

أي يودّون أن يكونوا تراباً أوميتاً مدفوناً تحت الأرض، ويكونون كذلك والأرض متساوية.

ترى أنّ تلك المادة تعدّت إلى مفعولين، وأُدخل حرف الجر على المفعول الثاني. وأمّا إذا استعمل في المعنى الثاني أي فيما يكون وصفاً للشيء بلا علاقة له بشيء آخر فيكتفي بمفعول واحد، قال سبحانه: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوّى)[3]، وقال سبحانه:(بَلَى قادِرينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ)[4]، وقال سبحانه: (فإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقعُوا لَهُ ساجِدين)[5]، ففي جميع هذه الموارد يراد من التسوية كونها وصفاً للشيء بما هوهو، وهو فيها كناية عن كمال الخلقة وأنّها بعيدة عن النقص والإعوجاج.

هذا هو مفهوم اللفظ لغة. وهلمّ معي ندرس الحديث ولنرى أنّه على أيّ

من المعنيين ينطبق.

تلاحظ أنّه تعدّى إلى مفعول واحد، ولم يقترن بالباء، فهو آية أنّ المراد هو المعنى الثاني، وهو تسطيح القبر في مقابل تسنيمه، وبسطه في مقابل إعوجاجه لا مساواته مع الأرض، وإلاّ كان عليه(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول: سوّيته بالأرض ولم يكتف بقوله سوّيته.

أضف إلى ذلك: أنّ ما ذكرناه هو الذي فهمه شرّاح الحديث، وهو دليل على أنّ التسطيح سنّة والتسنيم بدعة، وأمر عليّ (عليه السلام) أن تكافح هذه البدعة ويسطّح كلّ قبر مسنّم، وإليك ذكر نصوصهم:

1. قال القرطبي في تفسير الحديث: قال علماؤنا: ظاهر حديث أبي الهياج منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون واطئة.[6]

أقول: إنّ دلالة الحديث على منع تسنيم القبور ظاهر، وأمّا دلالتها على عدم ارتفاعها كما هو ظاهر قوله: «ومنع رفعها» فغير ظاهر، بل مردود باتّفاق أئمّة الفقه على استحباب رفعها قدر شبر.[7]

2. قال ابن حجر العسقلاني في شرحه على البخاري ما هذا نصّه:

مُسنّماً ـ بضمّ الميم وتشديد النون المفتوحة ـ أي: مرتفعاً، زاد أبو نعيم في مستخرجه: وقبر أبي بكر وعمر كذلك، واستدلّ به على أنّ المستحب تسنيم القبور، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية.

وقال أكثر الشافعية ونصّ عليه الشافعي: التسطيح أفضل من التسنيم;
لأنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) سطّح قبر إبراهيم، وفعله حجّة لا فعل غيره، وقول سفيان التمّار: رأى قبر النبي مسنّماً في زمان معاوية، لا حجة فيه، كما قال البيهقي; لاحتمال أنّ قبره(صلى الله عليه وآله وسلم) وقبري صاحبيه لم تكن في الأزمنة الماضية مسنّمة ـ إلى أن قال: ـ ولا يخالف ذلك قول علي(عليه السلام)، أمرني رسول اللّه أن لا أدع قبراً مشرفاً إلاّ سوّيته، لأنّه لم يرد تسويته بالأرض، وإنّما أراد تسطيحه جمعاً بين الأخبار،ونقله في المجموع عن الأصحاب.[8]

3. وقال النووي في شرح صحيح مسلم: إنّ السنّة أنّ القبر لا يرفع عن الأرض رفعاً كثيراً، ولا يُسنَّم بل يرفع نحو شبر، وهذا مذهب الشافعي ومن وافقه; ونقل القاضي عياض عن أكثر العلماء أنّ الأفضل عندهم تسنيمها، وهو مذهب مالك.[9]

ويؤيّد ذلك أنّ صاحب الصحيح(مسلم) عنون الباب بـ«باب تسوية القبور» ثمّ روى بسنده إلى تمامه، قال: كنّا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم، فتوفّي صاحب لنا، فأمر فضالة بن عبيدة بقبره فسوّي، قال: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر بتسويتها، ثمّ أورد بعده في نفس الباب حديث أبي الهياج المتقدّم.[10]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الشعراء:98.
[2] النساء:42.
[3] الأعلى:2.
[4] القيامة:4.
[5] الحجر:29.
[6] تفسير القرطبي:2/380 تفسير سورة الكهف.
[7] الفقه على المذاهب الأربعة:1/42.
[8] إرشاد الساري: 2 / 468.
[9] صحيح مسلم بشرح النووي: 7 / 36.
[10] صحيح مسلم بشرح النووي: 7 / 36.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=11619