• امروز : شنبه - 22 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Saturday - 11 May - 2024
0

البناء على القبور ومنطق المخالفين

  • 24 جمادى الآخرة 1440 - 20:35
البناء على القبور ومنطق المخالفين

  إنّ من أهمّ الأدلّة التي تمسّك بها المخالفون للبناء ـ الوهابيون ـ هو رواية أبي الهياج الأسدي، ومن هنا اقتضت الضرورة أن نسلّط الضوء على هذه الرواية بالبحث والتحقيق سنداً ودلالة، لنرى مدى مقاومتها أمام النقد العلمي والبحث الموضوعي. رواية أبي الهياج الأسدي لقد تمسّك بها المخالفون للبناء على القبور، واعتبروا ذلك عملاً محرّماً […]

 

إنّ من أهمّ الأدلّة التي تمسّك بها المخالفون للبناء ـ الوهابيون ـ هو رواية أبي الهياج الأسدي، ومن هنا اقتضت الضرورة أن نسلّط الضوء على هذه الرواية بالبحث والتحقيق سنداً ودلالة، لنرى مدى مقاومتها أمام النقد العلمي والبحث الموضوعي.

رواية أبي الهياج الأسدي

لقد تمسّك بها المخالفون للبناء على القبور، واعتبروا ذلك عملاً محرّماً منافياً للتوحيد، وقاموا على أثر ذلك بالاعتداء على مقبرة البقيع بهدم قبور أئمّة الهدى في شوال عام 1344هـ، وبعدما نفذوا ما أمرهم به مشايخهم، نشروا بياناً في جريدة «أُمّ القرى»، و فتوى بوجوب هدم القبور مستدلّين بالرواية المذكورة.

وها نحن نذكر الرواية أوّلاً ثمّ نتعرض لدراستها سنداً ودلالة إن شاء اللّه تعالى.

نصّ الحديث

روى مسلم في صحيحه قال: حدّثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن الحرب،قال يحيى: أخبرنا وقال الآخران: حدّثنا وكيع عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي عليّ بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللّه أن لا تدع تمثالاً إلاّ طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلاّ سوّيته.[1]

زعم المستدل أنّ معناه: ولا قبراً عالياً إلاّ سوّيته بالأرض.

أقول: الاستدلال بالحديث فرع صحّة سنده،وتماميّة دلالته،ولكنّه موهون من كلا الجانبين.

سند الرواية وأقوال العلماء فيه

أمّا السند، فيكفي أنّ علماء الرجال تحدّثوا في رجال الحديث ونقلوا تصريح الأئمّة بضعفهم،وهم عبارة عن :

1. وكيع.

2. سفيان الثوري.

3. حبيب بن أبي ثابت.

4. أبو وائل الأسدي.

وإليك أقوال العلماء في حقّهم:

1. وكيع

هو وكيع بن الجراح بن مليح الرواسي الكوفي، روى عن عدّة، منهم: سفيان الثوري، وروى عنه جماعة منهم: يحيى بن يحيى، وهو كما ورد في حقّه المدح، ورد في حقّه الجرح كثيراً،وهذا ابن حجر يعرّفه في «تهذيب التهذيب»، بالنحو التالي:

عن الإمام ابن حنبل: كان وكيع أحفظ من عبد الرحمن بن مهدي كثيراً.

وقال في موضع آخر: ابن مهدي أكثر تصحيفاً من وكيع،ووكيع أكثر خطأً منه.

وقال عليّ بن المديني: كان وكيع يلحن،ولو حدّث بألفاظه لكان عَجَباً.

وقال محمد بن نصر المروزي: كان يُحدّث بآخره من حفظه، فيغيّر ألفاظ الحديث كأنّه يحدّث بالمعنى،ولم يكن من أهل اللسان.[3]

وقال الذهبي في «ميزان الاعتدال» بعدما مدحه: قال ابن المديني، كان وكيع يلحن، ولو حدّث بألفاظه كان عجباً.[4]

2. سفيان الثوري

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، فقد مدحوه، ولكن الذهبي يقول: إنّه كان يدلِّس عن الضعفاء، ولكن كان له نقد وذوق، ولا عبرة بقول من قال يدلِّس ويكتب عن الكذّابين.[5]

وقال ابن حجر: قال ابن المبارك: حدّث سفيان بحديث فجئته وهو يدلِّس،فلمّـا رآني استحيا وقال: نرويه عليك؟[6]

وقال في ترجمة يحيى بن سعيد بن فروخ: قال أبو بكر وسمعت يحيى يقول: جهد الثوري أن يدلِّس عليَّ رجلاً ضعيفاً فما أمكنه.[7]

والتدليس هو أن يروي عن رجل لم يلقه وبينهما واسطة فلا يذكر الواسطة.

وقال أيضاً في ترجمة سفيان: قال ابن المديني، عن يحيى بن سعيد: لم يلق سفيان أبا بكر بن حفص ولا حيان بن إياس،ولم يسمع من سعيد بن أبي البردة،وقال البغوي: لم يسمع من يزيد الرقاشي، وقال أحمد: لم يسمع من سلمة بن كهيل حديث المسائية[8] يضع ماله حيث يشاء، ولم يسمع من خالد بن سلمة بتاتاً ولا من ابن عون إلاّ حديثاً واحداً.[9]

وهذا تصريح من ابن حجر بكون الرجل مدلّساً، ربّما يروي عن أُناس يوهم أنّه لقيهم ولم يلقهم ولم يسمع منهم.

3. حبيب بن أبي ثابت

هو حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار، وثّقه بعض، ولكن قال ابن حبّان في الثّقات: كان مدلّساً، وقال العقيلي: غمزه ابن عون، وقال القطّان: له غير حديث عن عطاء، لا يُتابع عليه وليست محفوظة.

وقال ابن خزيمة في صحيحه: كان مُدلّساً.[10]

وقال ابن حجر أيضاً في موضع آخر: كان كثير الإرسال والتدليس، مات سنة 119هـ.

ونقل عن كتاب الموضوعات لابن الجوزي من نسخة بخطّ المنذري أنّه نقل فيه حديثاً عن أُبيّ بن كعب في قول جبرئيل: لو جلست معك مثلما جلس نوح في قومه ما بلغت فضائل عمر، وقال: لم يُعِلْه ابن الجوزي إلاّ بعبد اللّه بن عمّار الأسلمي شيخ حبيب بن ثابت.[11]

4. أبو وائل الأسدي

هو شقيق بن سلمة الكوفي، كان منحرفاً عن علي بن أبي طالب، قال ابن حجر: قيل لأبي وائل: أيّهما أحبُّ إليك عليّ أو عثمان؟ قال: كان عليّ أحبّ إليّ ثمّ صار عثمان؟[12]

ويكفي في قدحه أنّه كان من ولاة عبيد اللّه بن زياد، قال ابن أبي الحديد:

قال أبو وائل: استعملني ابن زياد على بيت المال بالكوفة.

هذا كلّه حول سند الرواية وهؤلاء رواتها، ولو ورد فيهم مدح فقد ورد فيهم الذم، وعند التعارض يقدم الجارح على المادح، فيسقط الحديث عن الاستدلال.

ويكفي أيضاً في ضعف الحديث أنّه ليس لراويه ـ أعني: أبا الهياج ـ في الصحاح حديث غير هذا، فكيف يستدلّ بحديث يشتمل على المدلّسين والمضعّفين؟ وكيف يُعدَل بهذا الحديث عن السيرة المستمرة بين المسلمين؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح مسلم:3/61، كتاب الجنائز;سنن الترمذي:2/256، باب ما جاء في تسوية القبور; سنن النسائي:4/88، باب تسوية القبر.
[3] تهذيب التهذيب: 11 / 123.
[4] ميزان الاعتدال: 4 / 336
[5] ميزان الاعتدال:2 / 169 برقم 3322.
[6] تهذيب التهذيب: 4 / 15 في ترجمة سفيان.
[7] تهذيب التهذيب: 11 / 218.
[8] العبد المعتق.
[9] تهذيب التهذيب: 4/115.
[10] تهذيب التهذيب: 2 /179.
[11] تهذيب التهذيب:1 / 148.
[12] تهذيب التهذيب: 4 / 362.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=11556

اخبار المتشابه