• امروز : یکشنبه - 9 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Sunday - 28 April - 2024
0

قبور الصالحين رمز أصالة التاريخ الإسلامي

  • 16 جمادى الآخرة 1440 - 9:24
قبور الصالحين رمز أصالة التاريخ الإسلامي

  ينبغي التنبيه إلى نقطة جديرة بالاهتمام وهي: انّ كلّ واقعة أو أي حادثة من الحوادث تُعدّ في الأيام الأُولى لوقوعها من الحقائق القطعية لدى المعاصرين لها، ولكنّها مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال تفقد تلك الواقعة قطعيتها، بصورة تدريجيّة بنحو يلقي الشك والترديد ظلاله عليها إلى درجة قد تصل الحالة إلى أن تعتبر أُسطورة خيالية […]

 

ينبغي التنبيه إلى نقطة جديرة بالاهتمام وهي: انّ كلّ واقعة أو أي حادثة من الحوادث تُعدّ في الأيام الأُولى لوقوعها من الحقائق القطعية لدى المعاصرين لها، ولكنّها مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال تفقد تلك الواقعة قطعيتها، بصورة تدريجيّة بنحو يلقي الشك والترديد ظلاله عليها إلى درجة قد تصل الحالة إلى أن تعتبر أُسطورة خيالية في نظر بعض الأجيال.

ولا شكّ انّ الحوادث والوقائع التاريخية غير مستثناة من هذه الحالة، فبالرغم من قطعيتها ووضوحها في الأيام الأُولى، ولكنّها قد تصل إذا أُهملت ولم تلق عناية خاصة إلى أن تصبح أُسطورة تاريخية في نظر الأجيال القادمة.
بل انّ تكرار هذا الخطر وتلك الفاجعة في الحضارة الإسلامية أخطر من غيرها، وذلك باعتبار أنّ الرسالة الإسلامية هي خاتمة الرسالات، وهي الرسالة الخالدة التي تسير مع الإنسان وترسم له طريقه إلى يوم القيامة، ولا شكّ أنّ الأجيال القادمة انّما تتبع هذه الرسالة، وتنهل من نميرها العذب إذا كانت تلك الأجيال على يقين من أحقية تلك الرسالة وعلى علم بواقعيتها وأصالتها، وممّا لا ريب فيه أنّ أحد العوامل الفاعلة والمهمة في ثبوت «قطعية» الرسالة وأصالتها، وتحكيم جذورها التاريخية، تكمن في الحفاظ على الآثار المتعلّقة بتاريخ الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) وجهاده وقيادته وحركته في المجتمع.

فصيانة هذه الآثار على وجه الإطلاق تضفي على الشريعة في نظر غير معتنقيها واقعية وحقيقة، وتزيل عن وجهها أيّ ريب أو شك في صحّة البعثة والدعوة، وجهاد الأُمّة ونضال المؤمنين.

ولقد بذل علماؤنا وسلفنا الصالح رحمهمُ اللّه جهوداً جبارة ومساعي مشكورة في مجال الحفاظ على ذلك التراث المهم، وأوصلوا الأمانة سالمة إلى الأجيال اللاحقة، وبذلك قدّموا خدمات عظيمة للأجيال من خلال ذلك العمل الرائع المتمثّل في صيانة الآثار وحفظها، ممّا كان له أثره الفاعل في النظر إلى الدين الإسلامي نظرة واقعية، وإلى الشخصيات الإسلامية نظرة قطعية لا ريب ولا تردّد فيها أبداً.

من هنا يستطيع المسلمون أن يتحدّثوا عن دينهم ويدعو الناس إليه بقوّة واطمئنان تامّين، فهم يواجهون العالم مرفوعي الرأس ويقولون: أيّها الناس لقد بعث رجل في أرض الحجاز قبل 1400سنة لقيادة المجتمع البشري، وقد حقّق نجاحاً باهراً في مهمته التي استمرت 23 عاماً موزّعة على مرحلتين: 13 عاماً منها في مكة، وعشرة منها في المدينة، وهذه آثار حياته محفوظة تماماً في مكة والمدينة، فهذه الدار التي ولد فيها، وهذا مسجده، وهذا البيت الذي دفن فيه، وهذه بيوت زوجاته، وهذا غار حراء الذي كان يتعبّد به والذي هبط الوحي عليه فيه وهو في سن الأربعين من عمره الشريف، ومنه بدأت حركة الرسالة الإسلامية، ف آمنت به طائفة وكفرت أُخرى، وقد واجه في طريق الدعوة أشدّ المصاعب في مكة ممّا اضطره للهجرة إلى المدينة، وفي طريق هجرته لجأ إلى «غار ثور» في جنوب مكة، وبعد أن أمن الطلب توجّه صوب المدينة مهاجراً ليستقبله الأوس والخزرج، ويؤسّس هناك نواة الحكومة الإسلامية الجديدة.

وقد خاض(صلى الله عليه وآله وسلم) في تلك الفترة من حياته الشريفة معارك ضارية مع المشركين واليهود، قدّم خلالها قافلة من الشهداء في بدر وأُحد وخيبر وحنين، كما قام(صلى الله عليه وآله وسلم) بإرسال المبلّغين إلى سائر أراضي الجزيرة العربية داعين الناس إلى التوحيد ونبذ الشرك والوثنية، وبعد أن أتمّ رسالته وأدّى مهمته على أحسن وجه، لبّى نداء ربّه في السنة الحادية عشرة من هجرته الشريفة، وقد استلم الراية التي رفعها أهل بيته وأنصاره وأصحابه، وساروا على النهج الذي سار عليه ونشروا مفاهيم القرآن وقيمه في أرجاء المعمورة.

والآن، إذا قضينا على هذه الآثار، فقد قضينا على معالم وجوده(صلى الله عليه وآله وسلم)ودلائل أصالته وحقيقته، ومهّدنا السبيل لأعداء الإسلام ليقولوا ما يريدون.

إنّ هدم آثار النبوة وآثار أهل بيت العصمة والطهارة لا يُعد إساءة إليهم(عليهم السلام)وهتكاً لحرمتهم فقط، بل هو إعداء سافر على أصالة نبوّة خاتم الأنبياء ومعالم دينه القويم. إنّ رسالة الإسلام رسالة خالدة أبدية وسوف يبقى الإسلام ديناً للبشرية جمعاء إلى يوم القيامة، ولابدّ للأجيال القادمة ـ على طول الزمن ـ أن تعترف بأصالتها وتؤمن بقداستها. ولأجل تحقيق هذا الهدف يجب أن نحافظ ـ دائماً ـ على آثار صاحب الرسالة المحمدية (صلى الله عليه وآله وسلم) لكي نكون قد خطونا خطوة في سبيل استمرارية هذا الدين وبقائه على مدى العصور القادمة، حتّى لا يشكّك أحد في وجود نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) كما شكّكوا في وجود النبي عيسى(عليه السلام).

لقد اهتمّ المسلمون اهتماماً كبيراً بشأن آثار النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)وسيرته وسلوكه، حتّى أنّهم سجّلوا دقائق أُموره وخصائص حياته ومميّزات شخصيته، وكلّ ما يرتبط به كخاتمه، وحذائه، وسواكه، وسيفه، ودرعه، ورمحه، وجواده، وإبله، وغلامه، حتّى الآبار التي شرب منها الماء، والأراضي التي أوقفها لوجه اللّه سبحانه، والطعام المفضّل لديه، بل وكيفية مشيته وأكله وشربه، ومايرتبط بلحيته المقدّسة وخضابه لها،وغير ذلك،ولا زالت آثار البعض منها باقية إلى يومنا هذا.[1]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] حول هذا الموضوع راجع الطبقات الكبرى لابن سعد:1/360ـ 503.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=10876