• امروز : یکشنبه - 9 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Sunday - 28 April - 2024
0

مقامات وقدرات الأولياء

  • 11 شعبان 1440 - 10:14
مقامات وقدرات الأولياء

  لا شكّ أنّ الإنسان قد خلق وهو يحمل قدرات وإمكانات محدودة، وقد استطاع من خلال هذه القدرة المحدودة التي وهبها اللّه تعالى له التصرّف في عالم الكون واستغلال الأسباب والعلل الطبيعية والاستعانة بها لتحقيق أغراضه ونيل مآربه وإدارة شؤون حياته. نعم إنّ هناك ثلّة من عباد اللّه المخلصين توفّروا على قدرات أوسع وإمكانيات أكثر […]

 

لا شكّ أنّ الإنسان قد خلق وهو يحمل قدرات وإمكانات محدودة، وقد استطاع من خلال هذه القدرة المحدودة التي وهبها اللّه تعالى له التصرّف في عالم الكون واستغلال الأسباب والعلل الطبيعية والاستعانة بها لتحقيق أغراضه ونيل مآربه وإدارة شؤون حياته.

نعم إنّ هناك ثلّة من عباد اللّه المخلصين توفّروا على قدرات أوسع وإمكانيات أكثر بحيث استطاعوا من خلالها القيام بأعمال يعجز عنها أبناء النوع الإنساني. ولتحصيل هذا النوع من القدرات والإمكانات الواسعة والخارقة للعادة يوجد طريقان، هما:

1. ممارسة الرياضات الصعبة

إنّ عدم الالتفات وعدم الاعتناء بالجسد عامل مهم في تنمية وإعداد القدرات الروحية الكامنة في الإنسان، وكأنّه يوجد تضاد بين الاعتناء والاهتمام الكامل بين (قوى الجسم وقوى الروح) بمعنى كلّما زاد اهتمام الإنسان بتنمية الجسم وإعداده، وغرق في بحر اللّذات الجسمية والشهوات المادية كلّما ابتعد عن العنصر المعنوي والروحي، فلم يبق مجال لإعداد وإنماء وإكمال القوى الروحية والمعنوية، وعلى العكس من ذلك كلّما قلّل الاهتمام بالعنصر المادي والتعلّقات الجسمانيّة واللذائذ والشهوات البدنية والتفت إلى العمق الروحي وغاص في المعاني الروحية والقيم المعنوية، استطاع أن ينمي القوى والطاقات الباطنية الكامنة ويظهرها إلى العيان، واستطاع أن يضفي على قدراته وإمكاناته قدرات وإمكانات أوسع وأشمل.

إنّ المرتاضين وتحت تأثير الرياضات الشديدة والأعمال الشاقة التي يقومون بها ـ و المحرمة شرعاً ـ استطاعوا أن يحرروا أنفسهم من القيود والتعلّقات الجسمانية والمادية، ولا ريب أنّ تلك الرياضات بدرجة من الشدّة والتعذيب للروح بحيث يستحيل على الإنسان العادي تحملها والقيام بها، بل المرتاض نفسه يطوي طريق الرياضة بصورة تدريجية ويخطو خطوات متتالية إلى أن يصل في نهاية المطاف إلى النتيجة التي يسعى إليها.

ولا شكّ أنّ هذا المنهج ـ الذي يقوم على قطع العلاقات والميول والشهوات المادية والتسلّط على القوى الباطنيّة والاستعدادات الروحية من خلال هذا الطريق الوعر ـ يُعدّ أمراً مخالفاً للفطرة الإنسانية والقوانين الإسلامية المسلّمة، لأنّه نوع اضرار وتعذيب للروح والبدن وفي الحقيقة هو «رهبانية مسيحية» نهى عنها الإسلام ووقف في وجهها.

2. سلوك طريق العبودية

إنّ الطريق الصحيح والأُسلوب الأمثل لتكامل الروح ورقي النفس يكمن في الالتزام بالتعاليم والإرشادات الإسلامية وطي طريق العبودية المستقيم للّه سبحانه، والعمل وفقاً للأوامر والتشريعات الإلهية التي عيّنتها وحدّدتها السماء ، وذلك لأنّ العبادات والوظائف الظاهرية ليست هي المرادة والمقصودة بالذات للشارع المقدّس، وإذا ما أمر بها الإسلام وطالب بالقيام بها وتنفيذها، فإنّ غرضه هو تحقيق الفوائد والآثار التي تعود على الإنسان من خلالها، والتقرّب من اللّه والزلفى لديه سبحانه التي تنتج من خلال القيام بامتثالها، وكذلك التكامل الروحي الحاصل من ورائها، فالإنسان المؤمن ومنذ الخطوات الأُولى التي يخطوها في طريق امتثال الأوامر والدساتير الإلهية يكون ـ و بصورة قهرية ـ قد وضع قدمه على طريق التكامل الروحي والاستعداد المعنوي وتنمية الفضائل والملكات الباطنية.

ولا ريب أنّه ليس كلّ من سلك ذلك الطريق قد وصل إلى ذروة الكمال الروحي والمعنوي فيه، بل الناس فيه مختلفون والمقامات متفاوتة، وذلك لأنّ القضية ترتبط طردياً بدرجة الانقطاع والعبودية والإخلاص للّه سبحانه وتعالى ومن المسلّم به أنّ الناس ليسوا على وتيرة واحدة في الإيمان والطاعة والإخلاص قطعاً.

ولقد وصف الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) المقامات والمنازل العالية لسالكي طريق الحقّ والعبودية، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه».[1]

إنّ الإمعان في الحديث يكشف عن عمق العظمة والكمال المعنوي والروحي الذي يصل إليه الإنسان من خلال سلوك طريق العبودية للّه سبحانه وأداء الواجبات والقيام بالنوافل على أكمل وجه إلى الحدّ الذي يصبح فيه المؤمن ـ اعتماداً على قدرته تعالى ـ يسمع ما لم يسمعه الإنسان العادي، ويرى من الأشباح والصور ما لا يراه الإنسان العادي أيضاً. وهكذا يتحقّق له كلّ ما يريده ويرومه.

وبلا أدنى ترديد يكون المراد من قوله: «كنت سمعه وبصره و …» هو انّ الإنسان المؤمن وفي ظل القدرة الإلهية يتوفر على بصيرة أنفذ وقدرة أوسع.

ومن الواضح أيضاً من الحديث الشريف أنّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)كان يرى في الإنسان قدرات عجيبة ومحيّرة يحصل عليها من خلال سلوك طريق العبودية والتعمّق في المعارف الإلهية الصحيحة والأساليب السليمة.

ـــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح البخاري:8/131، باب ما جاء في الزكاة; ونقله في الكافي:2/352باختلاف يسير.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=15809