• امروز : شنبه - 22 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Saturday - 11 May - 2024
0

زيارة قبور المؤمنين في الكتاب والسنّة

  • 12 جمادى الآخرة 1440 - 9:20
زيارة قبور المؤمنين في الكتاب والسنّة

  لقد ذكرنا في البحوث السابقة أنّ زيارة الإنسان لقبر أحبته وأهله ومن تربطه به صلة رحم أو قرابة يُعدّ سجية إنسانية وطبيعة فطرية تدعو إليها جميع النفوس السليمة في كافة بقاع المعمورة، وأنّها من الأُمور التي أطبق الجميع على العمل بها، أو على أقلّ تقدير عدم رفضها والوقوف في وجهها، ويمكن استنتاج ذلك من […]

 

لقد ذكرنا في البحوث السابقة أنّ زيارة الإنسان لقبر أحبته وأهله ومن تربطه به صلة رحم أو قرابة يُعدّ سجية إنسانية وطبيعة فطرية تدعو إليها جميع النفوس السليمة في كافة بقاع المعمورة، وأنّها من الأُمور التي أطبق الجميع على العمل بها، أو على أقلّ تقدير عدم رفضها والوقوف في وجهها، ويمكن استنتاج ذلك من الآية المباركة التالية:

(وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَد مِنْهُمْ ماتَ أَبداً وَلاَ تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فَاسِقُون).[1]

إنّ الآية المباركة تنطوي على أمرين موجّهين للنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) هما:

1. (لا تُصَلِّ عَلى أَحَد مِنْهُمْ ماتَ أَبداً ).

2. (وَلاَ تَقُمْ عَلى قَبْرِه).

ولابدّ من تركيز البحث على النهي الثاني الوارد في الآية لنرى ماذا يراد من قوله تعالى:

(وَلاَ تَقُمْ عَلى قَبْرِه) وما هو معناه؟

فهل معناه أنّها تنهى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) عن الوقوف على قبره حال الدفن فقط، فلا يجوز ذلك في حقّ المنافق ويستحب في حقّ المؤمن؟ أو معناها أعمّ من وقت الدفن وغيره؟

إنّ بعض المفسّرين خصّوا القيام نفياً وإثباتاً بوقت الدفن فقط، ولكن البعض الآخر من المفسّرين من ذهب إلى إطلاق الآية وفسّر النهي في كلا المجالين الأعم من حال الدفن وغيره، وها نحن ننقل بعضاً من كلماتهم في هذا المجال:

فممّن ذهب إلى الإطلاق البيضاوي في تفسيره حيث قال: ولا تقف على قبره للدفن أو الزيارة.[2]

وقد تبنّى هذه النظرية جلال الدين السيوطي في «تفسير الجلالين» حيث قال: ولا تقم على قبره لدفن أو زيارة.[3]

وكذلك الشيخ إسماعيل حقّي البروسوي فقد جاء في تفسيره: (ولا تقم على قبره): أي لا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة.[4]

والحقّ مع من أخذ بإطلاق الآية المباركة، ومن هنا يتّضح انّ اللّه سبحانه قد نهى نبيّه الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) عن كلّ أنواع الوقوف على قبر المنافق، سواء كان ذلك حال الدفن، أو بعد ذلك. وهذا يحكي أنّ للرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقف على قبور المؤمنين والصالحين وأن يدعو لهم في حال دفنهم، أو بعد ذلك، وإلاّ لكان النهي الموجّه إلى النبي عن الوقوف على قبور المنافقين لغواً لا طائل فيه.

وعلى هذا الأساس ندرك أنّ الآية المباركة أرادت أن تهدم شخصية المنافق، وأن تحرمه من الفيض الإلهي الوارد عن طريق دعاء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) واستغفاره، وأن يختص هذا اللطف وتلك الرحمة بالمؤمنين الصالحين، فللرسول أن يقف على قبورهم في حال دفنهم أو بعد ذلك، وأن يطلب من ربّه أن ينزل فيض رحمته وغفرانه على تلك الأرواح المؤمنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] التوبة:84.
[2] تفسير البيضاوي(أنوار التنزيل):1/416.
[3] تفسير الجلالين: سورة التوبة،تفسير الآية.
[4] روح البيان:3/378.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=10521