• امروز : یکشنبه - 23 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Sunday - 12 May - 2024
0

“وجوه محمد”.. صور الرسول الكريم المختلفة في الثقافة الأوروبية

  • 03 شوال 1441 - 14:47
“وجوه محمد”.. صور الرسول الكريم المختلفة في الثقافة الأوروبية

عمران عبد الله في 2 أكتوبر/تشرين الثاني 1808، التقى الأديب الألماني غوته والإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت في مدينة إرفورت الألمانية التي احتلها الفرنسيون، وناقش الرجلان السياسة وتحدثا عن الأدب، وعندما علم نابليون أن غوته قام بترجمة “مسرحية محمد” للفيلسوف الفرنسي فولتير إلى الألمانية عقب قائلا إنها لم تكن مسرحية جيدة، ورسمت صورة مشوهة لفاتح عالمي […]

عمران عبد الله

في 2 أكتوبر/تشرين الثاني 1808، التقى الأديب الألماني غوته والإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت في مدينة إرفورت الألمانية التي احتلها الفرنسيون، وناقش الرجلان السياسة وتحدثا عن الأدب، وعندما علم نابليون أن غوته قام بترجمة “مسرحية محمد” للفيلسوف الفرنسي فولتير إلى الألمانية عقب قائلا إنها لم تكن مسرحية جيدة، ورسمت صورة مشوهة لفاتح عالمي ورجل عظيم غيّر مجرى التاريخ.

وكان غوته قد كتب تصوره عن النبي في أعماله اللاحقة كرسول نموذجي ذي شخصية سمحت للشاعر الألماني باستكشاف الفواصل بين النبي والشاعر، وبالنسبة لهؤلاء الرجال الثلاثة -كما هو الحال بالنسبة للعديد من الأوروبيين الآخرين- لا يعد النبي صلوات الله علیه و علی اله مجرد شخصية تاريخية قديمة، أو رسول دين أجنبي، بل شخصية تمثل قصتها وتراثها الحي مصدرا دائما للفضول والقلق والدهشة والإعجاب.

وشهدت الثقافة الأوروبية تشويه صورة رسول الله محمد بانتظام باعتباره “زنديقا ودجالا وثنيا”، لكن هذه الصور السلبية ليست الوحيدة عن رسول الإسلام التي خرجت من التاريخ الغربي في أوروبا؛ فقد صُوّر النبي أيضا على أنه مصلح ذو رؤية ثاقبة وقائد ملهم ورجل دولة ومشرّع قانوني.

وفي كتابه الصادر حديثاً “وجوه محمد: التصورات الغربية عن نبي الإسلام من العصور الوسطى حتى اليوم” يقدم المؤرخ والأكاديمي الفرنسي جون تولان -المختص بالتواصل الثقافي والديني بين العالمين العربي والغربي في القرون الوسطى- تاريخا شاملا لهذه الرؤى الأوروبية المتغيرة والمعقدة والمتناقضة عن نبي الإسلام، متتبعا تطور المفاهيم الغربية عن النبي منذ العصور الوسطى مروراً بعصور الإصلاح والتنوير وانتهاءً بالقرنين الـ19 والـ20 والزمن المعاصر.

كتابات عدائية

وبالطبع، لم يظهر كل الكتاب الأوروبيين الإعجاب والاحترام اللذين نجدهما لدى بونابرت وغوته إزاء نبي الإسلام؛ فهناك تاريخ طويل من الكتابات العدائية القديمة والجديدة، بدءا من الازدراء والخوف والإهانة في النصوص المسيحية المبكرة ضد الإسلام إلى تصريحات السياسيين المعاصرين الصاخبة مثل خِيرتْ فيلدرز برلماني حزب اليمين الهولندي المتطرف الذي يهاجم الإسلام ويسيء إلى النبي بانتظام، ومصممي الرسوم الكاركاتورية المنشورة في صحيفة دانماركية.

ويقول المؤلف الفرنسي إنه بحلول حقبة الاستعمار الأوروبي والاستشراق وزمن “الإرهاب الذي يُزعم أن الإسلام مبرر له” أثير النقاش من جديد حول النبي، وعاد محمد صلى الله عليه و آله وسلم إلى قلب الجدل الأوروبي عن الإسلام.

وقبل ذلك بكثير، وبالنسبة للمؤرخين الصليبيين في العصور الوسطى، كان نبي الإسلام يجري تصويره “كمعبود للمسلمين” أو “مهرطق داهية صنع معجزات كاذبة لإغواء العرب” بعيدا عن المسيحية؛ وكلا هذين التصويرين حملا مبررا وذريعة للحملات الصليبية التي سعت “لإنتزاع الأراضي المقدسة” من سيطرة الـ”ساراسين”، وهو مصطلح استخدمه الرومان للإشارة إلى سكان الصحراء في إقليم البتراء الروماني، ثم أصبح يطلق على العرب، وفي العصور الوسطى وخلال الحروب الصليبية توسع المصطلح ليشمل كل الذين يدينون بالإسلام.

وأثبتت هذه الصور المثيرة للجدل -والتي تم توظيفها في زمن الحروب الصليبية- أنها عنيدة، ففي أشكال معدلة قليلا قدّم الخطاب الأوروبي السائد خلال القرن الـ17 النبي محمدا بطريقة مشابهة، بحسب المؤلف.

وفي القرنين الـ19 والـ20 جرى تصوير النبي باعتباره “دجالا”، لتبرير الاستعمار الأوروبي في الأراضي الإسلامية ولتشجيع عمل المبشرين المسيحيين، وهذا العداء تجاه الإسلام ورسوله جزء مهم من القصة التي جرى سردها في صفحات الكتاب الجديد، لكن هناك وجوه أخرى إيجابية وناصعة كذلك. 

وجوه إيجابية

يكشف “وجوه محمد” عن تقاليد عريقة من الصور الإيجابية لنبي الإسلام سيجدها الكثيرون مفاجئة، مثل ما تصوره الإصلاحيون الجدليون الذين اعتبروا انتشار الإسلام دليلا على فساد الكنيسة القائمة آنذاك، ودفعهم ذلك لاعتبار النبي محمد بطلا للإصلاح.

وفي إنجلترا الثورية، وفي الفصل الخامس من الكتاب يستعرض المؤلف مقارنة الكتّاب الأوربيين على جانبي النزاع البريطاني بين رسول الله وأوليفر كرومويل الذي كان قائداً عسكرياً وسياسياً إنجليزياً هزم الملكيين في الحرب الأهلية الإنجليزية وحوّل إنجلترا لجمهورية في القرن الـ17، متسائلين عما إذا كان النبي متمردا على سلطة شرعية أم حاكما لنظام جديد عادل.

ورأى فولتير النبي محمدا في البداية على أنه متعصب ديني نموذجي وذلك في مسرحية حملت اسم “محمد” والتي قيل إنها كانت رمزية قصد منها إسقاطا على شخصية فرنسية أخرى ليتسنى له تمريرها ويتجنب رقابة الكنيسة، ومع ذلك تراجع فولتير عن رؤاه السلبية عن نبي الإسلام الذي اعتبره في أعمال لاحقة عدوا للخرافات وأثنى عليه ممتدحاً دينه الذي ليس فيه طلاسم أو ألغاز ويحرم القمار والخمر ويأمر بالصلاة والصدقة.

ويعود التغير في مواقف فولتير لإطلاعه على ترجمة المستشرق الإنجليزي جورج سيل لمعاني القرآن المنشورة عام 1734، وكتب سيل في مقدمتها أن نبي الإسلام كان مصلحاً مبدعاً ومناهضاً للكهنوتية وحرص على إلغاء الممارسات الخرافية مثل عبادة القديسين والآثار المقدسة، وألغى قوة رجال الدين الفاسدين والجشعين.

ويستنتج الكتاب أن لنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام الكثير من الوجوه والتصورات المختلفة في الغرب، لكنه كان على الدوام مرآة يستكشف فيها الأوروبيون اهتماماتهم الخاصة وإسقاطاتهم الشخصية أكثر من تناول الحقائق التاريخية ذاتها.

“ماهوميت”

ويؤكد المؤلف جون تولان أن كتابه لا يدور حول محمد نبي الإسلام، بل عن “ماهوميت”، أي الشخصية التي تخيلها ورسمها كتاب أوروبيون غير مسلمين بين القرنين الـ12 والـ21، ويميز تولان في كتابه بين اسم “محمد” الذي يستخدمه لتناول النبي في المصادر التاريخية والتقاليد الإسلامية وبين مختلف طرق الهجاء المشوش لاسمه الموجود في اللغات الأوروبية، مثل ماهوميت (Mahomet) و(Machomet) و(Mathome) و(Mafometus) و(Mouamed) و(Mahoma).

ورغم أن الكاتب خصص عمله لصور النبي في الثقافة والأدبيات الغربية فإنه يحاول أيضا -فيما يبدو خروجا عن موضوع الكتاب- أن يتناول صورة النبي في المصادر الإسلامية والسيرة والمرويات والسنة النبوية.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=43624