إنّ الاعتقاد بتكفير وتضليل وإباحة دماء المسلمين من أشدّ المسائل خطورة وحرجاً في الدين، كيف يحقّ لهؤلاء هذا السلوك الخطير بعدما صحّ وتواتر عن النبيّ (صلى الله عليه و اله سلم) قوله: ” أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلاّ الله، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها، وحسابهم على الله “، ثمّ قرأ: (إنّما أنت مذكّر لست عليهم بمصيطر) (1) .
وقوله (صلى الله عليه و اله سلم) يوم خيبر: ” لأُعطينّ هذه الراية رجلا يحبّ الله ورسوله، يفتح الله على يديه، قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلاّ يومئذ، قال: فتساورت لها رجاء أن أُدعى لها، قال: فدعا رسول الله (صلى الله عليه و اله و سلم) علي بن أبي طالب فأعطاه إياها، وقال: امش ولا تلتفت حتّى يفتح الله عليك، قال: فسار عليّ شيئاً، ثمّ وقف ولم يلتفت، فصرخ: يا رسول الله على ماذا أُقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، فإذا فعلـوا ذلك فقـد منعوا منك دمـاءهم وأموالهـم إلاّ بحقّهـا وحسـابهم على الله “(2) .
وعن المقداد بن عمرو أنّه قال: يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفّار فاقتتلنا فضرب إحدى يديّ بالسيف فقطعها، ثمّ لاذ منّي بشجرة، فقال: أسلمت لله، أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و اله و سلم) لا تقتله، فقال: يا رسول الله إنّه قطع إحدى يديّ، ثمّ قال ذلك بعدما قطعها، فقال رسول الله (صلى الله عليه و اله و سلم) : لا تقتله، فإن قتلته فإنّه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنّك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال(3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]صحيح مسلم ج 1 ص 39 كتاب الإيمان واللفظ له، صحيح البخاري ج 9 ص 27 ح 7 الاستتابة ومواضع أُخر
[2]صحيح مسلم ج 7 ص 121، سنن النسائي الكبرى ج 5 ص 111 ح 8405 ـ
[3]صحيح البخاري ج 5 ص 201 ح 65 و ج 9 ص 3 ح 5، صحيح مسلم ج 1 ص 66 ـ 67