الإشارة الأولی: حضور امرأة عند الصديقة (عليها السلام) و سؤالها عن عشرة مسائل، و استحياؤها بكثرة سؤالها و تلطّف فاطمة (عليها السلام) و نقلها حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في فضل علماء الشيعة ….
_قال أبو محمد العسكري (عليه السلام): حضرت امرأة عند الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فقالت:
إن لي والدة ضعيفة و قد لبس عليها في أمر صلاتها شيء، و قد بعثتني إليك أسألك.
فأجابتها فاطمة (عليها السلام) عن ذلك. فثنّت فأجابت، ثم ثلّثت فأجابتها، إلى أن عشرت فأجابت.
ثم خجلت من الكثرة فقالت: لا أشقّ عليك يا بنت رسول اللّه. قالت فاطمة (عليها السلام): هاتي و سلي عما بدا لك، أ رأيت من اكترى يوما يصعد إلى سطح بحمل ثقيل و كراه مائة ألف دينار يثقل عليه؟ فقالت: لا. فقالت: اكتريت أنا لكل مسألة بأكثر من ملئ ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤا، فأحرى أن لا يثقل عليّ.
سمعت أبي صلّى اللّه عليه و آله يقول: إن علماء شيعتنا يحشرون، فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم و جدّهم في إرشاد عباد اللّه، حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلة من نور. ثم ينادي منادي ربنا عز و جل: أيها الكافلون لأيتام آل محمد صلّى اللّه عليه و آله الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمتهم! هؤلاء تلامذتكم و الأيتام الذين كفّلتموهم و نعشتموهم، فأخلعوا عليهم خلع العلوم في الدنيا.
فيخلعون على كل واحد من أولئك الأيتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم، حتى أن فيهم- يعني في الأيتام- لمن يخلع عليه مائة ألف خلعة، و كذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلّم منهم.
ثم إن اللّه تعالى يقول: اعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتى تتمّوا لهم خلعهم و تضعفوها لهم. فيتمّ لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم و يضاعف لهم، و كذلك من يليهم ممن خلع على من يليهم.
و قالت فاطمة (عليها السلام): يا أمة اللّه، إن سلكة من تلك الخلع لأفضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة و ما فضل؛ فإنه مشوب بالتنغيض و الكدر.(1)
الإشارة الثانیة: اختصام امرأتان و تنازعهما في شيء من أمر الدين و حكم فاطمة (عليها السلام) في أمرهما.
بالإسناد، عن أبي محمد (عليه السلام)، قال: قالت فاطمة (عليها السلام) و قد اختصم إليها امرأتان؛ فتنازعتا في شيء من أمر الدين، إحداهما معاندة و الأخرى مؤمنة. ففتحت على المؤمنة حجّتها، فاستظهرت على المعاندة، ففرحت فرحا شديدا. فقالت فاطمة (عليها السلام): إن فرح الملائكة باستظهارك عليها أشدّ من فرحك، و إن حزن الشيطان و مردته بحزنها أشدّ من حزنها، و إن اللّه تعالى قال لملائكته: أوجبوا لفاطمة (عليها السلام) بما فتحت على هذه المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف مما كنت أعددت لها، و اجعلوا هذه سنة في كل من يفتح على أسير مسكين فيغلب معاندا مثل ألف ألف ما كان معدا له من الجنان.(2)
الإشارة الثالثة: في تفسير الإمام (عليه السلام) في ذكر آية«وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً» : كلام النبي صلّى اللّه عليه و آله في أن أفضل والديكم و أحقهما بشكركم محمد و علي (عليه السلام) ….
في تفسير الإمام (عليه السلام): قال اللّه عز و جل: «وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً» [1]، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
أفضل والديكم و أحقهما لشكركم محمد و علي(عليه السلام) …، إلى أن قال:
و قالت فاطمة (عليها السلام) لبعض النساء: ارضي أبوي دينك محمدا صلّى اللّه عليه و آله و عليا (عليه السلام) بسخط أبوي نسبك و لا ترضي أبوي نسبك بسخط أبوي دينك، فإن أبوي نسبك إن سخطا أرضاهما محمد صلّى اللّه عليه و آله و علي(عليه السلام) بثواب جزء من ألف ألف جزء من ساعة من طاعاتهما، و إن أبوي دينك إن سخطا لم يقدر أبوا نسبك أن يرضياهما، لأن ثواب طاعات أهل الدنيا كلهم لا تفي بسخطهما …(3)
الإشارة الرابعة: كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في فطم الزهراء (عليها السلام) بالعلم و فطمها من الطمث.
عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: لما ولدت فاطمة (عليها السلام)، أوحى اللّه عز و جل إلى ملك، فانطلق به لسان محمد صلّى اللّه عليه و آله فسمّاها فاطمة، ثم قال: إني فطمتك بالعلم و فطمتك عن الطمث.
ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): و اللّه لقد فطمها (عليها السلام) اللّه تبارك و تعالى بالعلم و عن الطمث بالميثاق.(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1. بحار الأنوار: ج 2 ص 3 ح 3، عن تفسير الإمام (عليه السلام)، تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 340، دار السلام للنوري: ج 3 ص 339، رياحين الشريعة: ج 2 ص 131، عوالم العلوم: ج 3 ص 284، كشف اللثام: ج 2 ص 533.
2_ بحار الأنوار: ج 2 ص 8 ح 15، عن تفسير الإمام (عليه السلام) و الاحتجاج، تفسير الإمام (عليه السلام): ص 346، الاحتجاج: ج 1 ص 11، عوالم العلوم: ج 3 ص 284.
3_بحار الأنوار: ج 23 ص 262 ح 8، عن تفسير الإمام (عليه السلام)، تفسير الإمام (عليه السلام): ص 334.
4_بحار الأنوار: ج 43 ص 13 ح 9، عن علل الشرائع، علل الشرائع: ج 1 ص 179 ح 4
السلام والصلاة على فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين