رغم عظمتها وتأثيرها على مسيرة الحرب العالمية الأولى والتطورات في منطقة الشرق الأوسط، فقد تم تجاهل واقعة جهاد العشائر العربية في خوزستان ضد المحتل الإنجليزي، بل وأقدمت القوى الاستعمارية على دفن هذه الواقعة التاريخية تحت غبار الإهمال.
ماهو (حرب المنیور) ؟
رغم ان السلالة القاجارية أعلنت حيادها في الحرب العالمية الأولى، لكن بسبب ضعف سلطات طهران حينها أُجبرت بلاد فارس على المشاركة في الحرب، فتحوّلت إلى ساحة مواجهة بين طرفي الصراع طوال 4 سنوات، من جنوبها إلى شمالها ومن المناطق المركزية حتى المحافظات الغربية حيث الحدود المشتركة مع العراق.
وعقب تشكيل تكتلي الحلفاء ودول المحور يوليو/تموز 1914،دخلت القوات الروسية من شمال إيران والقوات البريطانية من جنوبها حيث مياه الخليج الفارسي، إلا أن الأخيرة واجهت مقاومة شرسة من المواطنين على مقربة من نهر كارون، الذي تحوّل إلى مركز قيادة لقوات البحرية البريطانية وذلک بعدما صدرت فتوي الجهاد من المرجعيّة الشيعيّة الرشيدة المتمثلة آنذاك لآية الله العظمي السيد محمد كاظم الطباطبايي اليزدي المقيم في النجف الأشرف.
ومنذ ذلك الحين، دأب الأهوازيون على الاحتفال في ذكرى معركة الجهاد (التي تعرف أيضا بالمنيور) في الرابع من مارس/آذار، التي دارت بين العشائر العربية والقوات البريطانية غرب مدينة الأهواز وتحولت إلى رمز لمقارعة الاحتلال الأجنبي، ورغم أن المعركة استمرت نحو 4 أشهر على جبهات مختلفة، فإنها أصبحت منعطفا لافتا في تاريخ الأهواز الحديث.
كما أدرجت السلطات الإيرانية ذكرى الحرب بين العشائر العربية والقوات البريطانية في قائمة تراثها الثقافي.
تذکیرا بهذه الواقعة (حرب المنیور) و تكريما للشجاعة التي أبدتها العشائر العربية في خوزستان، في الجهاد ضد القوات البريطانية الغازية،اقیم معرض في الأهواز تضمن عروضاً وثائقية.
المعرض الذي افتتح مساء الخمیس الماضي، بدأ بکلمة رئیس الجمهوریة، التي تلاها نائب محافظ خوزستان، حیث أکد فیها علی ضرورة تسمية يوم في التقويم الوطني بيوم مقاومة عشائر خوزستان، ضد الغزاة.
وتواصل حفل تدشین المعرض الوثائقي بکلمة للامیرال شمخاني -مستشار قائد الثورة الإسلامیة-حیث اعتبر فیها ان العشائر العربية في خوزستان ملتزمة بالاسلام والولاية والإمامة.
وأكد علي شمخاني، ان ثلاثة أحداث مهمة وقعت في الخمسين عامًا الماضية اظهرت أن العشائر العربية في محافظة خوزستان ملتزمة بالإسلام والولاية والإمامة ، وهم يعرفون العدو جيدًا.
وقال لقد مضى أكثر من قرن على هذا الجهاد العظيم للعشائر العربية في خوزستان ضد الاستعمار البريطاني، لكن جيل الشباب اليوم لايعرفن أبعاد وتأثيرات هذه الملحمة الخالدة.
ولفت الی ان روح مناهضة الاعداء لدى العشائر العربية في خوزستان، نشأت من التعاليم الدينية والقرآنية في سنوات الدفاع المقدس من قبل حراس الحدود عشاق الوطن وبرزت وظهرت في أعلى مستوياتها.
واوضح الأميرال شمخاني أنه خلال الخمسين سنة الماضية،أظهرت ثلاثة أحداث مهمة أن العشائر العربية في محافظة خوزستان انها ملتزمة بالإسلام ومولعة بالولاية والإمامة ويعرفون العدو جيدًا، الحدث الأول مرتبط بقبل الثورة، عندما اطاع عرب خوزستان الإمام الراحل ووقفوا ضد الطاغوت، والحدث الثاني كان الحرب المفروضة التي شنها نظام صدام ضد الجمهورية الاسلامية ووقفوا في وجه جيش صدام البعثي وقدموا 12 ألف شهيد،والحدث الثالث كان مواجهة واسعة النطاق مع الجماعات الانفصالية.
وأضاف: قبل بدء الحرب وفي ظل حالة لم تتشكل فيها الأجهزة الأمنية والعسكرية في المحافظة ، تصدى أهالي خوزستان، وخاصة العشائر العربية للانفصاليين والمعادين للثورة وضحوا بدمائهم ودافعوا برجولة عن الثورة ووحدة ايران.
وقال عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام: ان صدام هاجم إيران في بداية الحرب بشعار “البصرة اليوم، وغدا الأهواز”، لكن العشائر العربية في خوزستان حولوا وهمه إلى كابوس واستقبلوا جنوده بالرصاص بدلاً من الزهور.
وفي الختام، أعرب الادميرال شمخاني عن تقديره وشكره للحاج عبد الله طرفاوي لجهوده المستمرة في إقامة المعرض وعلى ثلاثين عامًا من البحث في موضوع جهاد العشائر العربية في خوزستان ضد الاستعمار البريطاني وجمع الوثائق والأعمال التاريخية.
تجدر الاشارة الى انه يتم في هذا المعرض عرض 100 لوحة وثائقية عن كفاح وجهاد العشائر العربية في محافظة خوزستان ضد المعتدين البريطانيين عام 1914 م إلى جانب بعض المجسمات للوضع الجغرافي لهذه المعركة البطولية في غرب خوزستان وفي منطقة سهل آزادكان.
ويقام هذا المعرض لمدة خمسة أيام بهدف شرح الرواية الدائمة للملحمة والمقاومة والشجاعة والتضحية التي قدمتها العشائر العربية في محافظة خوزستان ضد المستعمرين البريطانيين.
وفي لقاء مع وکالة النخیل، قال الحاج عبد الله طرفاوي مدير المعرض بنسخته الأولى: “هذا المعرض مدعوم من قبل معهد مؤسسة “نوانديشان تاريخ ساز” ناهیک عن المؤسسات التنفيذية والثقافية لمحافظة خوزستان، فضلا عن دور النشطاء في المجال الثقافي والاجتماعي والفنانين والإعلاميين، وانطلق في قاعة الأهواز الدولية للمعارض الخميس الماضي وتستمر فعاليات هذه التظاهرة التاريخية حتى بعد غد الاثنین.
