فی یومها العالمی / اللغة العربیة.. لغة کاملة وجسر للتواصل الثقافی

یصادف الیوم، الیوم العالمی للغة العربیة، حیث یحتفل العالم فی کل عام  18 دیسمبر/کانون الأول بهذه اللغة العریقة.

إن هذا الیوم مبارک لکل العرب والمستعربین فی کل أنحاء العالم، ویوم للاحتفاء بلغة الضاد الجمیلة، التی ننطق ونتواصل بها بشغف وفخر. 

لقد قال أمیر الشعراء أحمد شوقی: “إن الذی ملأ اللغاتِ مَحَاسِنَاً.. جعلَ الجمالَ وسرّه فی الضاد”. ولغة الضاد هی قلب الأمة العربیة النابض ولسانها الناطق ومفتاح هویتها وقاموس أسرارها، وأهم أدوات التفکیر والتواصل لأبنائها. العربیةُ لغةٌ کاملةٌ عجیبةُ، تکادُ تصورُ ألفاظُها مشاهدَ الطبیعةِ، وتمثلُ کلماتُها خطراتِ النفوسِ، وتکادُ تتجلى معانیِها فی أجراسِ الألفاظِ، وواحدة من أهم اللغات المعاصرة، والتی تنتشر فی نطاق جغرافی واسع یمتد على قارتین، ویتحدث بها ملایین الناس، تنضوی تحت لوائِها مِللٌ ونِحَلٌ مختلفةٌ وبلاد عدیدةُ. 

ولغة ضاربة بجذورِها فی عمق التاریخ وتکیفت مع مختلف الأزمِنة والأمکِنة، فحافظت على مکانتها، بل وزادها ذلک انتشاراً، و أکثر اللغات السامیة التی بقیت أقرب إلى الأصْلِ، وإن کانت أحدثَها نشأةً وتاریخاً، وواحدة من أقدم اللغات فی العالم وأکثرها ثراء من حیث الألفاظ والتراکیب والأسالیب البیانیة. 

استَخدَمت العدیدُ من اللغات الأجنبیة بعض الکلمات من العربیة وأخذتها منها. هی لغة تتوفر على عدد ضخم من المفردات التی تتعلق بنفس الکلمة، والتی تؤدی إلى نفس المعنى، وهذا الأمر تفتقد إلیه معظمُ اللغات الأخرى، وتضم مجموعةً من الأصوات المتعددة، فهناک الترقیق والتفخیم والإدغام وغیرها. کما أن الاشتقاق من الخصائص التی تُمیزُ العربیةَ عن غیرها من اللغات، حیث یمکن اشتقاق اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المُشبَّهة باسم الفاعل واسم التفضیل وأسماء المکان والزمان والآلة من المصدر حسب رأی البصریین، أو من الفعل حسب رأی الکُوفیین.

اللغة العربیة وعاءٌ لحضارة واسعة النطاق، عمیقة الأثر، ممتدة التاریخ. هی لغة نَقَلت إلى البشریة فی فترة ما أُسُسَ الحضارةِ وعواملَ التقدم فی کل العلوم الطبیعیة والریاضیات والطب والفَلَک والموسیقى وغیرها. هی من اللغات الرسمیة فی الأمم المتحدة، منذ اعتماد قرار الجمعیة العامة رقم 3190 قبل أعوام، باعتبارها من اللغات الرسمیة ولغات العمل فی الأمم المتحدة.

للغة العربیة دور تاریخی هام فی تعزیز التبادلات والتفاهم بین الشعوب المختلفة وتکثیف التبادل بین الحضارات المتنوعة، بل وتسریع بناء رابطة المصیر المشترک للبشریة، وهی فی الحقیقة جسر ثقافی بین الشعوب العربیة وغیرها، بل حتى بین الشعوب التی لم تکن لغتها الأصلیة العربیة، وهی لسببین، أولاً العربیة لغة القرآن وهی منتشرة فی جمیع البلدان الإسلامیة، وثانیاً لأن العربیة لغة عریقة، تمتد جذورها الى مئات بل آلاف السنین الماضیة.

نرى استخدام اللغة العربیة فی کثیر من بلدان العالم وفی الکتب والروایات والآداب التی یتم البحث العلمی والأدبی والفنی فیه، کما أن هناک رسالات جامعیة کثیرة فی مختلف أنحاء العالم تتطرق الى الأدب العربی او العلوم القرآنیة والفقهیة وغیرها. 

اللغة العربیة من اللغات التی یتم تدریسها ودراستها فی کثیر من جامعات دول العالم، وعلى إثر ذلک یتم مناقشة الرسالات فی هذا المجال، وکذلک ترجمة الکتب من العربیة الى اللغات الأخرى، وبالعکس، وهذا هو احد الطرق الذی یؤدی الى تبادل الثقافات والتقارب بین الشعوب، وبما أن اللغة هی وسیلة لنقل الثقافات، ولکن نرى أن هناک دورا هاما للغة العربیة، فالجامعات العربیة ومراکز دراسة اللغة العربیة تلعب دورا هاما فی هذا المجال.

اللغة العربیة منتشرة فی مختلف أنحاء العالم، ولکن باللهجات المختلفة، من العراق الى لبنان والیمن وتونس وغیرها، وحتى فی إیران أعزائنا فی محافظة خوزستان یتحدثون باللغة العربیة، فی الحقیقة أصبحت اللغة العربیة، لغة لا یمکن التخلی عنها، وهی لغة تجری فی جمیع مجالات الحیاة، ویحتفی العالم فی کل عام بهذه اللغة العریقة.

یأتی الإحتفال هذا العام بهذه اللغة تحت عنوان “مساهمة اللغة العربیة فی الحضارة والثقافة الإنسانیة”، ومن المؤکد أن هناک للغة العربیة دور هام فی الحضارة والثقافة بما أن هناک حضارات عریقة وقدیمة کانت لغتها العربیة، ففی هذا الیوم العالمی نتمنى السلام والتواصل الثقافی الأکثر لجمیع الشعوب الحرّة، فی نشر ثقافة الإسلام والسلام ومقاومة العدوان.