• امروز : دوشنبه - 10 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Monday - 29 April - 2024
0

إهداء ثواب العمل الصالح إلى الموتى

  • 25 شعبان 1440 - 10:50
إهداء ثواب العمل الصالح إلى الموتى

  أثبتت البحوث العلمية والفلسفية أنّ الموت لا يمثّل نهاية حياة الإنسان وفناءَها، بل هو في الحقيقة، يمثّل نقلة من عالم إلى عالم آخر، كما أثبتت تلك البحوث أنّ حقيقة الإنسان وجوهره لا يتمثّل في بدنه المادي حتّى تنعدم بانعدامه، بل الذي يمثّل حقيقة الإنسان وواقعه هو روحه ونفسه، وهذه لا تفنى ولا تنعدم، بموت […]

 

أثبتت البحوث العلمية والفلسفية أنّ الموت لا يمثّل نهاية حياة الإنسان وفناءَها، بل هو في الحقيقة، يمثّل نقلة من عالم إلى عالم آخر، كما أثبتت تلك البحوث أنّ حقيقة الإنسان وجوهره لا يتمثّل في بدنه المادي حتّى تنعدم بانعدامه، بل الذي يمثّل حقيقة الإنسان وواقعه هو روحه ونفسه، وهذه لا تفنى ولا تنعدم، بموت الجسد وفنائه، وانّما تنتقل لتعيش في بدن يناسب مقامها الجديد في ذلك العالم الذي أطلق عليه العلماء والمفكّرون اسم «عالم البرزخ».

وبما أنّنا قد تعرضنا لهذه المسألة في البحوث السابقة «بحث الحياة البرزخية» بالبحث والتحقيق، لذا نكتفي بما ذكرناه سابقاً ولا نعيد البحث فيها هنا مرّة أُخرى، ونركّز البحث على محل النزاع، وهو:هل الموتى ينتفعون بعمل الأحياء؟

وبعبارة أُخرى: إذا قام الإنسان الحي بعمل صالح ثمّ أهدى ثواب ذلك العمل إلى والده أو أُمّه أو لقريب منه ممّن كانوا قد رحلوا عن هذه الحياة، فهل ياترى ينتفع هؤلاء الموتى بذلك العمل ويعود ذلك العمل عليهم بالفائدة، أم لا؟

وفي مقام الإجابة عن هذا التساؤل لابدّ من مراجعة آيات الذكر الحكيم والروايات الواردة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) لتحدد لنا الإجابة عن ذلك، لأنّها هي المرجع الوحيد في الإجابة عن مثل تلك التساؤلات.

فلابدّ من التذكير بنكتة مهمة، وهي: انّ من المفاهيم الإسلامية الثابتة والأُصول الواضحة انّ الإيمان إذا لم يقترن بالعمل لا يجدي نفعاً ولا يكون سبباً للنجاة في ذلك العالم، من هنا نجد أنّ آيات الذكر الحكيم في الغالب تقرن الإيمان بالعمل كما في قوله تعالى:(الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالحات)، ومن هنا لا يمكن للإنسان أن يتكئ على إيمانه فقط، أو على عمل ابنه أو صديقه أو… ، بل لابدّ لمن يتوخّى النجاة ويروم الفوز بالنعيم أن يقرن إيمانه بالعمل الصالح.

نعم ظهرت على الساحة الفكرية الإسلامية في نهاية القرن الأوّل وأوائل القرن الثاني فرقة كلامية يقال لها: «المرجئة» ذهبت إلى كفاية الإيمان ولم تعر للعمل الصالح أهمية تذكر، فتصدّى لهذه الفرقة أئمّة الهدى (عليهم السلام) وبيّنوا نقاط الخلل والانحراف الكامن في طيّ هذه النظرية، كما حذّروا المسلمين عامّة وشيعتهم خاصة من الانجراف مع هذا التيارالمنحرف، وخاصة بالنسبة إلى الشباب حيث قالوا (عليهم السلام) : «بادروا أولادكم بالأدب قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة».[1]

كما واجه الأئمّة (عليهم السلام) النظرية الأُخرى التي ترى في الانتساب إلى بيت الرسالة عاملاً للفوز والنجاح حتّى إذا لم يقترن ذلك الانتساب بالعمل الصالح،وقد اعتبر الأئمّة (عليهم السلام) انّ هذه النظرية هي الأُخرى لا أساس لها من الصحة ولا تقوم على أُسس قرآنية متينة، بل هي في الحقيقة تمثّل امتداداً للفكر اليهودي المنحرف المتمثّل في قولهم: (نَحْنُ أَبْناءُ اللّهِ وَأَحِباؤهُ).[2]

ومن هنا ندرك جيداً انّ نجاة الإنسان وفوزه مقترنان بالإيمان أوّلاً والعمل
الصالح ثانياً، وأمّا الاتّكاء على مجرد الإيمان أو مجرد العلاقة النسبية بأهل بيت الوحي فهو في الواقع تفكير خاطئ ورؤية باطلة لا يصحّ الاعتماد عليها والركون إليها أبداً.

ولأمير المؤمنين وإمام البلاغة وسيد الفصاحة كلام رائع في هذا المجال، حيث يقول(عليه السلام) مؤكداً على العمل:

1. «ألا وإنّ اليوم عمل ولا حساب،وغداً حسابٌ ولا عمل».[۳]

2. «ألا وإنّ اليوم المضمارُ وغداً السباق، والسبقة الجنة، والغاية النار، أفلا تائب من خطيئته قبل منيّته، ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه».[۴]

ومع التسليم بهذا الأصل والمفهوم الإسلامي الثابت يبقى السؤال الذي أثرناه مطروحاً، هل ينتفع الميت بعمل الحي أم لا؟

وفي مقام الإجابة عن التساؤل المطروح، لابدّ من الإشارة إلى مقدّمة ضرورية، وهي:

انّ عمل الإنسان الحي بالنسبة إلى الميت تتصوّر على صنفين:

1. تارة يكون للميت دور في العمل الصادر من الحي.

2. وتارة أُخرى لا يكون له أيّ دور في ذلك العمل إلاّ كونه مؤمناً فقط.

ولا كلام في النوع الأوّل الذي يكون للإنسان المتوفّى دور في صدور العمل من الحي، فلا ريب أنّه يستفيد منه وينتفع به، ويكفي شاهداً على ذلك الحديث المروي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي رواه الفريقان، فعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله، إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».[۵]

فالحديث الشريف يشير إلى ثلاثة أُمور يبقى ثوابها يتابع الإنسان حتى بعد رحيله من هذه الدنيا، وهي:

1. الصدقة الجارية كبناء المسجد، أو تعبيد الطرق أو إقامة جسر، أو بناء مستشفى، أو تشييد مدرسة، وغير ذلك من أعمال الخير التي ينتفع بها الناس.

2. علم ينتفع به.

3. ولد صالح يدعو له.

ولا ريب انّ الإنسان ينتفع بهذه الأعمال انطلاقاً من دوره الفاعل في نشوئها في حياته كالبناء، أو التأليف، أوإعداد الولد الصالح وتربيته تربية إسلامية صحيحة.

روى جرير بن عبد اللّه عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال:«من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فعمل بها بعده، كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أُجورهم شيء; ومن سنّ في الإسلام سنّة سيئة فعمل بها بعده،كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء».[۶]

إذاً عودة أثر العمل على الميت ـ سواء كان ذلك الأثر ثواباً أو عقاباً ـ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدور الذي يقوم به الميت في أثناء حياته في إظهار السنّة ـ حسنة كانت أم سيئة ـ، إذ لو لم يقم هو بذلك العمل لما استنّ به غيره من الناس ولم يعمل بها أحد بعده.

نعم يقع البحث في العمل من الصنف الثاني الذي لم يكن للميت دور فيه أبداً فإذا قام الإنسان الحي بعمل صالح فهل يستطيع أن يهدي ثوابه إلى الميت أم لا؟ وهل ينتفع به الميت أم لا؟

إنّ القرآن الكريم والسنّة المطهّرة يؤكّدان ذلك، وأنّه يمكن للإنسان أن يهدي ثواب ذلك العمل، هذا من جهة ومن جهة أُخرى الميت ينتفع بذلك العمل وإن لم يكن له دور فيه. فإذا استغفر الحي للميت، أو قام بعمل صالح من صوم أو صلاة أو صدقة أو برّ ـ إمّا نيابة عن الميت أو بدون أن يقصد النيابة ـ ثمّ أهدى ثوابه للميت، فلا ريب أنّ الميت ينتفع بذلك، ولقد أشار القرآن الكريم إلى نماذج متعدّدة من الاستغفار للآخرين وانتفاعهم بها.

ـــــــــــــــــــــــــ
[1] الكافي:6/47، الحديث5.
[2] المائدة:18.
[۳] نهج البلاغة: الخطبة42.
[۴] نهج البلاغة: الخطبة 28.
[۵] صحيح مسلم:5/73، باب «وصول ثواب الصدقات إلى الميت» من كتاب الإلهيات.
[۶] صحيح مسلم:8/61، باب «من سنّ سنة حسنة أو سيئة» من كتاب العلم.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=17237

اخبار المتشابه