أنّ أهمّ الأهداف التي توخّتها الزهراء عليهاالسلام في مطالباتها المالية ، هو الدفاع عن ولاية أهل البيت عليهمالسلام وإثبات أحقيتهم في قيادة الاُمّة بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويتضح ذلك من خلال خطبة الزهراء عليهاالسلام في المسجد النبوي ، وخطبتها الاُخرىٰ بنساء المدينة ، وفي مواقف اُخرىٰ متعددة ، أدّت فيها واجبها الرسالي في الدفاع عن إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام.
ففي خطبتها الاُولىٰ ذكرت ولاية أهل البيت عليهمالسلام كفرض إلهي لا يختلف عن سائر الواجبات والفروض التي عدّدتها في الخطبة وبينت العلة من إيجابها ، قالت عليهاالسلام : « فجعل الله طاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة ».
وأكّدت عليهاالسلام علىٰ ذكر فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام وتقدّمه علىٰ سواه بالعلم والشجاعة ، فقالت عليهاالسلام : « أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي » وقالت عليهاالسلام : « كلّما فغرت فاغرة المشركين ، قذف أخاه عليّاً في لهواتها ، وأنتم في رفاهية من العيش وادعون ، فاكهون آمنون ، تتربصون بنا الدوائر ، وتتوكفون الأخبار ، وتنكصون عند النزال ، وتفرّون من القتال ». وقالت عليهاالسلام في خطبتها الثانية : « وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا منه والله نكير سيفه ، وقلّة مبالاته بحتفه ، وشدّة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله ».
وأشارت عليهاالسلام إلىٰ أحقية أمير المؤمنين عليهالسلام في خلافة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وفضله علىٰ غيره ، فقالت عليهاالسلام في خطبتها الاُولىٰ : « وأبعدتم من هو أحقّ بالبسط والقبض ». وقالت عليهاالسلام في خطبتها الثانية : « ويحهم أنّىٰ زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ، ومهبط الروح الأمين ، والطّبين بأمور الدنيا والدين ».
وذكرت عليهاالسلام النصّ علىٰ أمير المؤمنين عليهالسلام بالتلميح الذي هو أقوىٰ من التصريح حيث قالت عليهاالسلام في خطبتها الثانية : « وتالله لو تكافّوا عن زمامٍ نبذه إليه رسول الله لاعتقله ، ثمّ لسار بهم سيراً سجحاً ».
ونبّهت عليهاالسلام علىٰ أنّ الاختيار غير صحيح بقولها في خطبتها الاُولىٰ : « فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، والرسول لمّا يقبر ، بداراً زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ».
وقالت عليهاالسلام في خطبتها الثانية : « استبدلوا والله الذنابىٰ بالقوادم ، والعجز بالكاهل » وقالت عليهاالسلام فيها أيضاً : « ليت شعري إلىٰ أي لجأ لجأوا ، وإلىٰ أي سنادٍ استندوا ، وعلى أيّ عمادٍ اعتمدوا ، وبأيّ عروةٍ تمسّكوا ، وعلىٰ أيّ ذريةٍ قدّموا واحتنكوا ؟! ».
وللزهراء عليهاالسلام مواقف اُخرىٰ في الدفاع عن الإمامة ، منها مارواه الجوهري عن الإمام محمد بن علي الباقر عليهالسلام قال : « إنّ عليّاً عليهالسلام حمل فاطمة عليهاالسلام علىٰ حمارٍ ، وسار بها ليلاً إلىٰ بيوت الأنصار ، يسألهم النصرة ، وتسألهم فاطمة عليهاالسلام الانتصار له ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله ، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، لو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به. فقال علي عليهالسلام أكنت أترك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ميتاً في بيته لا أُجهزه ، وأخرج إلىٰ الناس أُنازعهم سلطانه ! وقالت فاطمة عليهاالسلام : ما صنع أبو الحسن إلّا ما كان ينبغي له ، وصنعوا هم ما الله حسيبهم عليه »( شرح ابن أبي الحديد ٦ : ١٣. والإمامة والسياسة / ابن قتيبة ١ : ١٢).
وخروج الزهراء عليهاالسلام ليلاً مع شدة اللوعة التي تنتابها لفقد أبيها صلىاللهعليهوآلهوسلم
وضعف حالها ، وقوة السلطة في ملاحقة من يعارضها ، إنّما هو أداء لدورٍ رسالي يقتضيه الواجب الاسلامي المقدس في حفظ العقيدة الحقّة من الضياع والانحراف ، وفي ذلك درس بليغ لنا حقيق بالاقتداء وخليق بالاحتذاء.
وكان للأنصار موقف من السلطة أقلّه الندم علىٰ البيعة ، وأعلاه الهتاف باسم أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأنّىٰ يكون ذلك لولا خروج الزهراء عليهاالسلام تطلب نصرتهم ، وخطبتها عليهاالسلام التي ذكّرت فيها وحذّرت.
عن عبدالرحمن بن عوف ، قال : لما بويع أبو بكر واستقرّ أمره ، ندم قومٌ كثيرٌ من الأنصار علىٰ بيعته ولام بعضهم بعضاً ، وذكروا علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وهتفوا باسمه (الموفقيات / الزبير بن بكار : ٥٨٣ / ٣٨٢)
الزهراء تتصدی للدفاع عن الولاية والإمامة
أنّ أهمّ الأهداف التي توخّتها الزهراء عليهاالسلام في مطالباتها المالية ، هو الدفاع عن ولاية أهل البيت عليهمالسلام وإثبات أحقيتهم في قيادة الاُمّة بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويتضح ذلك من خلال خطبة الزهراء عليهاالسلام في المسجد النبوي ، وخطبتها الاُخرىٰ بنساء المدينة ، وفي مواقف اُخرىٰ متعددة ، أدّت فيها واجبها الرسالي في الدفاع عن […]