• امروز : شنبه - 1 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Saturday - 20 April - 2024
1

التوحيد في التشريع و التقنين عند مدرسة اهل البيت عليهم السلام

  • 08 ربيع الثاني 1440 - 12:11
التوحيد في التشريع و التقنين عند مدرسة اهل البيت عليهم السلام

لا يشك عاقل في أنّ حياة الإنسان الاجتماعية تحتاج إلى قانون ينظّم أحوال المجتمع البشري و أوضاعه و يقوده إلى الكمال الذي الذي خلق له، (و الكل ميسَّر لما خلق). غير أنّ القرآن الكريم لم يعترف بتشريع للبشرية سوى تشريع اللَّه سبحانه، و لا قانون سوى قانونه، فهو يراه المشرّع الوحيد الذي يحق له التقنين […]

لا يشك عاقل في أنّ حياة الإنسان الاجتماعية تحتاج إلى قانون ينظّم أحوال المجتمع البشري و أوضاعه و يقوده إلى الكمال الذي الذي خلق له، (و الكل ميسَّر لما خلق).
غير أنّ القرآن الكريم لم يعترف بتشريع للبشرية سوى تشريع اللَّه سبحانه، و لا قانون سوى قانونه، فهو يراه المشرّع الوحيد الذي يحق له التقنين خاصة، و غيره المنفِّذ للقانون الإلهي المطبِّق لتشريعه.
و قد وردت في هذا الصدد آيات في الذكر الحكيم نكتفي بذكر قسم منها:
«ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» (يوسف- 40).
فالمراد من حصر الحاكمية على‏ اللَّه هو حصر الحاكمية التشريعية عليه سبحانه، فالآية تهدف إلى أنّه لا يحق لأحدٍ أن يأمر و ينهى و يُحرّم و يُحلّل سوى اللَّه سبحانه، و لأجل ذلك قال بعد قوله:
«إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ»*: «أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ».
فكأنّ أحداً يسأل عن أنّه إذا كان الأمر مختصاً به سبحانه فما ذا أمر اللَّه في مورد العبادة فأجاب على الفور:
«أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ».
و قال سبحانه:
«أَ فَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ» (المائدة- 50).
إنّ هذه الآية تقسم القوانين الحاكمة على‏ البشر إلى قسمين: إلهي، و جاهلي، و بما أنّ ما كان من صنع الفكر البشري ليس إلهياً فهو بالطبع يكون حكماً جاهلياً.
و قال سبحانه:
«.. وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ».
و قال:
«.. وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ».
و قال:
«.. وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» (المائدة- 44 و 45 و 47).
و هذه الآيات و إن كانت تصف الحاكم بغير ما أنزل اللَّه بالصفات الثلاث لا المقنِّن و المشرِّع البشري غير أنّها تدل تلويحاً على‏ حرمة نفس التقنين بغير إذنه، لأنّ الهدف من تشريع الأحكام و تقنين القوانين جعلها وسيلة للحكم و القضاء، و إلّا فالتشريع و التقنين بدون التنفيذ و التطبيق لا يحوم حوله عاقل.
فهذه المقاطع الثلاثة توضح أنّ ممنوعية التقنين و التشريع بهدف الحكم على‏ وفقه كانت موجودة في الشرائع الإلهية السالفة أيضاً، و ما ذلك إلّا لأجل أنّ التقنين أوّلًا، و الحكم ثانياً حقّ مخصوص باللَّه سبحانه، لم يفوّضه إلى أحد من خلقه، و لأجل ذلك يصف المبدِّل للنظام الإلهي بالكفر تارة، و الظلم اخرى‏، و بالفسق ثالثة.
فهم كافرون لأنّهم يخالفون التشريع الإلهي بالرد و الإنكار و الجحود.
و هم ظالمون لأنّهم يسلمون حق التقنين الذي هو خاص باللَّه إلى‏ غيره.
و هم فاسقون لأنهم خرجوا بهذا الفعيل عن طاعة اللَّه سبحانه.
و أمّا ما يفعله العلماء و الفقهاء فهو تخطيط كل ما يحتاج إليه المجتمع الإسلامي في إطار القوانين و الضوابط الإلهية و الإسلامية، و ليس ذلك بتشريع أو تقنين.

ـــــــــــــــــــــــــ
1-التوحيد و الشرك في القرآن الكريم، ص: 17


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=5203