• امروز : جمعه - 31 فروردین - 1403
  • برابر با : Friday - 19 April - 2024
0

الآیات التی تنسب الظواهر الکونیة إلی اللَّه و إلی غیره

  • 06 ذو القعدة 1440 - 12:29
الآیات التی تنسب الظواهر الکونیة إلی اللَّه و إلی غیره

  1- یقول سبحانه: «وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ یَشْفِینِ» [1]. بینما یقول سبحانه فی العسل: «شِفاءٌ لِلنَّاسِ» [2]. 2- یقول سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ» [3] بینما یقول: «وَ ارْزُقُوهُمْ فِیها» [4]. 3- یقول سبحانه: «أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ» [5]. بینما یقول سبحانه: «یُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِیَغِیظَ بِهِمُ الْکُفَّارَ» [6]. 4- یقول تعالی: «وَ […]

 

1- یقول سبحانه: «وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ یَشْفِینِ» [1]. بینما یقول سبحانه فی

العسل: «شِفاءٌ لِلنَّاسِ» [2].
2- یقول سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ» [3] بینما یقول: «وَ ارْزُقُوهُمْ فِیها» [4].
3- یقول سبحانه: «أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ» [5]. بینما یقول سبحانه: «یُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِیَغِیظَ بِهِمُ الْکُفَّارَ» [6].
4- یقول تعالی: «وَ اللَّهُ یَکْتُبُ ما یُبَیِّتُونَ» [7]. بینما یقول سبحانه: «بَلی وَ رُسُلُنا لَدَیْهِمْ یَکْتُبُونَ» [8].
5- یقول تعالی: «ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ یُدَبِّرُ الْأَمْرَ» [9]. بینما یقول سبحانه:
«فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً» [10].
6- یقول سبحانه: «اللَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها» [11]. بینما یقول: «الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِکَةُ طَیِّبِینَ» [12].
إلی غیر ذلک من الآیات التی تنسب الظواهر الکونیة تارة إلی اللَّه، و تارة إلی غیره تعالی.

و الحل أن یقال: إنّ المحصور باللَّه تعالی هو انتساب هذه الأُمور علی نحو الاستقلال، و أمّا المنسوب إلی غیره فهو علی نحو التبعیة، و بإذنه تعالی، و لا تعارض بین النسبتین، و لا بین الاعتقاد بکلیهما.
فمن اعتقد بأنّ هذه الظواهر الکونیة مستندة إلی غیر اللَّه علی وجه التبعیة لا الاستقلال لم یکن مخطئاً و لا مشرکاً، و کذا من استعان بالنبیّ أو الإمام علی هذا الوجه.
هذا مضافاً إلی أنّه تعالی الذی یعلّمنا أن نستعین به فنقول: «إِیَّاکَ نَعْبُدُ وَ إِیَّاکَ نَسْتَعِینُ» یحثُّنا فی آیة أُخری علی الاستعانة بالصبر و الصلاة فیقول: «وَ اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ» [13] و لیس الصبر و الصلاة إلّا فعل الإنسان نفسه.

حصیلة البحث:

إنّ الآیات الواردة حول الاستعانة علیصنفین:
الصنف الأوّل: یحصر الاستعانة فی اللَّه فقط و یعتبره الناصر و المعین الوحید دون سواه.
و الصنف الثانی: یدعونا إلی سلسلة من الأُمور المعینة (غیر اللَّه) و یعتبرها ناصرة و معینة، إلی جانب اللَّه.
أقول: اتّضح من البیان السابق وجه الجمع بین هذین النوعین من الآیات، و تبیّن أنّه لا تعارض بین الصنفین مطلقاً، إلّا أنّ فریقاً نجدهم یتمسّکون بالصنف الأوّل من الآیات فیخطِّئون أیّ نوع من الاستعانة بغیر اللَّه، ثمّ یضطرّون إلی إخراج (الاستعانة بالقدرة الإنسانیة و الأسباب المادیة) من عموم تلک الآیات الحاصرة للاستعانة باللَّه بنحو التخصیص، بمعنی أنّهم یقولون:
إنّ الاستعانة لا تجوز إلّا باللَّه إلّا فی الموارد التی أذن اللَّه بها، و أجاز أن یستعان

فیها بغیره، فتکون الاستعانة بالقدرة الإنسانیة و العوامل الطبیعیة- مع أنّها استعانة بغیر اللَّه- جائزة و مشروعة علی وجه التخصیص، و هذا ممّا لا یرتضیه الموحّد.
فی حین أنّ هدف الآیات هو غیر هذا تماماً؛ فإنّ مجموع الآیات یدعو إلی أمر واحد و هو: عدم الاستعانة بغیر اللَّه، و أنّ الاستعانة بالعوامل الأُخری یجب أن تکون بنحو لا یتنافی مع حصر الاستعانة فی اللَّه، بل تکون بحیث تعدّ استعانة باللَّه لا استعانة بغیره.
و بتعبیر آخر: إنّ الآیات ترید أن تقول: بأنّ المعین و الناصر الوحید و الذی یستمدّ منه کلّ معین و ناصر قدرته و تأثیره، لیس إلّا اللَّه سبحانه، و لکنّه- مع ذلک- أقام هذا الکون علی سلسلة من الأسباب و العلل التی تعمل بقدرته و أمر باستمداد الفرع من الأصل، و لذلک تکون الاستعانة به کالاستعانة باللَّه؛ ذلک لأنّ الاستعانة بالفرع استعانة بالأصل.
و إلیک فیما یلی إشارة إلی بعض الآیات من الصنفین:
«وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْحَکِیمِ» [14].
«إِیّاکَ نَعْبُدُ وَ إِیّاکَ نَسْتَعِینُ» [15].
«وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَکِیمٌ» [16].
هذه الآیات نماذج من الصنف الأوّل، و إلیک فیما یأتی نماذج من الصنف الآخر الذی یدعونا إلی الاستعانة بغیر اللَّه من العوامل و الأسباب:
«وَ اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ» [17].

«وَ تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی» [18].
«ما مَکَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ» [19].
«وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوکُمْ فِی الدِّینِ فَعَلَیْکُمُ النَّصْرُ» [20].
و مفتاح حلّ التعارض بین هذین الصنفین من الآیات هو ما ذکرناه، و ملخّصه:
إنّ فی الکون مؤثّراً تامّاً، و مستقلًاّ واحداً، غیر معتمد علی غیره لا فی وجوده و لا فی فعله و هو اللَّه سبحانه، و أمّا العوامل الأُخر فجمیعها مفتقرة- فی وجودها و فعلها- إلیه و هی تؤدّی ما تؤدّی بإذنه و مشیئته و قدرته، و لو لم یعط سبحانه تلک العوامل ما أعطاها من القدرة و لم تجر مشیئته علی الاستمداد منها لما کانت لها أیّة قدرة علی شی‌ء.
فالمعین الحقیقی فی کلّ المراحل- علی هذا النحو تماماً- هو اللَّه، فلا یمکن الاستعانة بأحد باعتباره معیناً مستقلًاّ. لهذه الجهة حصر هنا الاستعانة فی اللَّه وحده، و لکن هذا لا یمنع بتاتاً من الاستعانة بغیر اللَّه باعتباره غیر مستقلّ (أی باعتباره معیناً بالاعتماد علی القدرة الإلهیة) و معلوم أنّ استعانة- کهذه- لا تنافی حصر الاستعانة فی اللَّه سبحانه لسببین:
أوّلًا: لأنّ الاستعانة المخصوصة باللَّه هی غیر الاستعانة بالعوامل الأُخری؛ فالاستعانة المخصوصة باللَّه هی: ما تکون باعتقاد أنّه قادر علی إعانتنا بالذات، و بدون الاعتماد علی غیرها، فی حین أنّ الاستعانة بغیر اللَّه سبحانه إمّا هی علی نحو آخر أی مع الاعتقاد بأنّ المستعان قادر علی الإعانة مستنداً علی القدرة الإلهیة،

لا بالذات، و بنحو الاستقلال، فإذا کانت الاستعانة- علی النحول الأوّل- خاصّة باللَّه تعالی، فإنّ ذلک لا یدل علی أنّ الاستعانة بصورتها الثانیة مخصوصة به أیضاً.
ثانیاً: إنّ استعانة- کهذه- غیر منفکّة عن الاستعانة باللَّه، بل هی عین الاستعانة به تعالی، و لیس فی نظر الموحّد (الذی یری أنّ الکون کلّه من فعل اللَّه و مستنداً إلیه) مناص من هذا.
و أخیراً نذکّر القارئ الکریم بأنّ مؤلّف المنار حیث إنّه لم یتصوّر للاستعانة بالأرواح إلّاصورة واحدة لذلک اعتبرها ملازمة للشرک فقال:
«و من هنا تعلمون: إنّ الذین یستعینون بأصحاب الأضرحة و القبور علی قضاء حوائجهم و تیسیر أُمورهم و شفاء أمراضهم و نماء حرثهم و زرعهم، و هلاک أعدائهم و غیر ذلک من المصالح هم عنصراط التوحید ناکبون، و عن ذکر اللَّه معرضون» [21].
و یلاحظ علیه: أنّ الاستعانة بغیر اللَّه (کالاستعانة بالعوامل الطبیعیة) علی نوعین:
إحداهما عین التوحید، و الأُخری موجبة للشرک؛ إحداهما مذکّرة باللَّه، و الأُخری مبعدة عن اللَّه.
إنّ حدّ التوحید و الشرک لیس هو کون الأسباب ظاهریة أو غیر ظاهریة، و إنّما هو استقلال المعین و عدم استقلاله. و بعبارة أُخری المقیاس: هو الغنی و الفقر، هو الأصالة و عدم الأصالة.
إنّ الاستعانة بالعوامل غیر المستقلّة المستندة إلی اللَّه، التی لا تعمل و لا تؤثّر إلّا بإذنه تعالی غیر موجبة للغفلة عن اللَّه، بل هو خیر موجّه، و مذکّر باللَّه. إذ معناها:
انقطاع کلّ الأسباب و انتهاء کلّ العلل إلیه.

و مع هذا کیف یقولصاحب المنار: «أُولئک عن ذکر اللَّه معرضون»؟ و لو کان هذا النوع من الاستعانة موجباً لنسیان اللَّه و الغفلة عنه للزم أن تکون الاستعانة بالأسباب المادیة الطبیعیة هی أیضاً موجبة للغفلة عنه.
علی أنّ الأعجب من ذلک هو شیخ الأزهر الشیخ محمود شلتوت الذی نقل- فی هذا المجال- نصّ کلمات عبده دون زیادة و نقصان، و ختم المسألة بذلک، و أخذ بالحصر فی «إِیَّاکَ نَسْتَعِینُ» غافلًا عن حقیقة الآیة و عن الآیات الأُخری المتعرّضة لمسألة الاستعانة [22].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الشعراء: 80.
[2] النحل: 69.
[3] الذاریات: 58.
[4] النساء: 5.
[5] الواقعة: 64.
[6] الفتح: 29.
[7] النساء: 81.
[8] الزخرف: 80.
[9] یونس: 3.
[10] النازعات: 5.
[11] الزمر: 42.
[12] النحل: 32.
[13] البقرة: 45.
[14] آل عمران: 126.
[15] الحمد: 5.
[16] الأنفال: 10.
[17] البقرة: 45.
[18] المائدة: 2.
[19] الکهف: 95.
[20] الأنفال: 72.
[21] تفسیر المنار 1: 59.
[22] راجع تفسیر شلتوت: 36- 39.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=25947

اخبار المتشابه