• امروز : شنبه - 1 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Saturday - 20 April - 2024
0

متی ظهرت احادیث الرؤیة و التشبیه(2)

  • 21 شوال 1440 - 10:42
متی ظهرت احادیث الرؤیة و التشبیه(2)

  قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: 2/166. (عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: من زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله تعالى، ولكنه رأى جبريل مرتين في صورته وخلقه ساداً ما بين الأفق. ولم يأتنا نص جلي بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الله تعالى […]

 

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: 2/166.

(عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: من زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله تعالى، ولكنه رأى جبريل مرتين في صورته وخلقه ساداً ما بين الأفق. ولم يأتنا نص جلي بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الله تعالى بعينيه وهذه المسألة مما يسع المرء المسلم في دينه السكوت عنها، فأمّا رؤية المنام فجاءت من وجوه متعددة مستفيضة، وأما رؤية الله عياناً في الآخرة فأمر متيقن تواترت به النصوص. جمع أحاديثها الدار قطني والبيهقي وغيرهما). انتهى.

وقال في هامشه: (وأخرجه أحمد 6/241 من طريق ابن أبي عدي، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق قال: كنت عند عائشة قال قلت: أليس الله يقول: ولقد رآه بالأفق المبين، ولقد رآه نزلة أخرى، قالت: أنا أول هذه الأمة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فقال: إنما ذاك جبريل لم يره في صورته التي خلق عليها إلا مرتين رآه منهبطاً من السماء إلى الأرض ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض. وأخرجه مسلم (177) في الإيمان باب معنى قوله عز وجل: ولقد رآه نزلة أخرى، من طريق الشعبي به. وأخرجه البخاري 8/466 من طريق الشعبي عن مسروق.. وأخرجه الترمذي (3278) في التفسير من طريق سفيان عن مجالد عن الشعبي. هذا حديث صحيح الإسناد). انتهى.

ولكن نفي عائشة يشمل الرؤية في الآخرة أيضاً كما أشار إليه الطبري، ولذلك اضطر الذهبي وغيره إلى ارتكاب التأويل في حديث عائشة، وفي آيات نفي الرؤية وأحاديثها، مع أنهم حرموا التأويل في أحاديث إثبات الرؤية وصفات الله تعالى، واستنكروه واعتبروه ضلالاً وإلحاداً.

وقال الدميري في حياة الحيوان: 2/71:

(نفت عائشة دلالة سورة النجم على رؤية النبي (ص) لربه وجواز الرؤية مطلقاً… وهو سبحانه أجل وأعظم من أن يوصف بالجهات، أو يحد بالصفات، أو تحصيه الأوقات أو تحويه الأماكن والأقطار،ولما كان جل وعلا كذلك استحال أن توصف ذاته بأنها مختصة بجهة، أو منتقلة من مكان إلى مكان، أو حَالَّةً في مكان. روي أن موسى (عليه السلام) لما كلمه الله تعالى سمع الكلام من سائر الجهات… وإذا ثبت هذا لم يجز أن يوصف تعالى بأنه يحل موضعاً أو ينزل مكاناً، ولا يوصف كلامه بحرف ولا صوت، خلافاً للحنابلة الحشوية…).

معنى الفرية على الله تعالى ومصدرها

الفرية: البدعة العظيمة والكذب المتعمد في دين الله تعالى.

قال الخليل في العين: 8 /280:

(الفري: الشق… وفريت الشيء بالسيف وبالشفرة قطعته وشققته. وفرى يفري فلان الكذب، إذا اختلقه… الفَرِيُّ: الأمر العظيم، في قوله عز وجل: لقد جئت شيئاً فرياً).

وقال الجوهري في الصحاح: 6/24:

(وفرى فلان كذباً إذا خلقه. وافتراه: اختلقه، والإسم الفرية. وفلان يفري الفرى: إذا كان يأتي بالعجب في عمل. قوله تعالى: لقد جئت شيئاً فرياً، أي مصنوعاً مختلقاً، وقيل عظيماً).

وقال الراغب في المفردات ص 379:

(وقوله: لقد جئت شيئاً فرياً، قيل معناه عظيماً وقيل عجيباً وقيل مصنوعاً. وكل ذلك إشارة إلى معنى واحد).

ولا يبعد أن يكون أصل تعبير (الفرية على الله) نبوياً، وأن تكون عائشة وأهل البيت أخذوه منه (صلى الله عليه وآله).

وقد روى أحمد شبيهاً له في مسنده 3/491 عن واثلة بن الأسقع قال:

(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أعظم الفرية ثلاث… إلخ).

كما لا يبعد أن يكون في أصله وصفاً لليهود.

وقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد: 4/122 أن عبدالله بن رواحة قاله ليهود خيبر:

(فلما طاف في نخلهم فنظر إليه قال: والله ما أعلم من خلق الله أحداً أعظم فرية عند الله وعداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم منكم). انتهى.

وأوضح من ذلك الرواية التالية التي تدل على أن اليهود منبع (الفِرَى) على الله تعالى.

 

وروى المجلسي في بحار الأنوار 36/194:

(عن ابن عباس أنه حضر مجلس عمر بن الخطاب يوماً وعنده كعب الحبر.

إذ قال (عمر): يا كعب أحافظ أنت للتوراة؟

قال كعب: إني لأحفظ منها كثيراً.

فقال رجل من جنبة المجلس: يا أمير المؤمنين سله أين كان الله جل ثناؤه قبل أن يخلق عرشه، ومِمَّ خلق الماء الذي جعل عليه عرشه؟

فقال عمر: يا كعب هل عندك من هذا علم؟

فقال كعب: نعم يا أمير المؤمنين، نجد في الأصل الحكيم أن الله تبارك وتعالى كان قديماً قبل خلق العرش وكان على صخرة بيت المقدس في الهواء، فلما أراد أن يخلق عرشه تفل تفلة كانت منها البحار الغامرة واللجج الدائرة، مرتعداً إلى يوم القيامة، ثم خلق عرشه من نوره وجعله على الماء، وللعرش عشرة آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف لغة ليس فيها لغة تشبه الأخرى، وكان العرش على الماء من دونه حجب الضباب، وذلك قوله: وكان عرشه على الماء ليبلوكم.

يا كعب ويحك، إن من كانت البحار تفلته على قولك، كان أعظم من أن تحويه صخرة بيت المقدس أو يحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه حل فيه!

فضحك عمر بن الخطاب وقال: هذا هو الأمر، وهكذا يكون العلم، لا كعلمك يا كعب. لا عشت إلى زمان لا أرى فيه أبا حسن). انتهى.

فهذه النصوص القوية وغيرها تجعل الباحث يطمئن إلى أن وجود إصبع الثقافة اليهودية في المسألة هو الذي أوجب كل هذا الإستنفار والموقف الحاسم!

الألباني يتجاهل مذهب الصحابة النافين للرؤية

قال في فتاويه ص 143:

(إن عقيدة رؤية الله لم ترد في السنة فقط حتى تشككوا فيها، إن هذه العقيدة أيضاً قد جاءت في القرآن الكريم المتواتر روايته عن رسول الله… إن قوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة.

هي وجوه المؤمنين قطعاً إلى ربها ناظرة.. المعتزلة والشيعة جاءوا بفلسفة ففسروا وجوه إلى ربها ناظرة، أي إلى نعيم ربها ناظرة… وهذه الفلسفة معول هدام للسنة الصحيحة!) انتهى.

وقد فات الألباني وأمثاله، أنه لا يجوز الأخذ ببعض القرآن دون بعضه، وأنه لا بد أن نأخذ بنظر الإعتبار أيضاً آية (لا تدركه الأبصار) وآية (ليس كمثله شئ) وبقية الآيات التي تنفي إمكانية رؤيته تعالى، ثم نجمع بين محكمها ومتشابهها، ويكفينا هنا القول إن آية (وجوه يومئذٍ ناضرة) التي يدعي أنها تعني النظر إلى ذات الله تعالى في الجنة، إنما تتحدث عن موقف في المحشر قبل دخول الجنة بدليل قوله تعالى: ووجوه يومئذ باسرة، تظن أن يفعل بها فاقرة. فوجوه المؤمنين مستشرفة إلى ربها تنتظر رحمته وعطاءه، ووجوه الكفار مكفهرة خائفة من عقابه، فليس في الآية ما يدل على النظر بالعين إلى ذاته سبحانه وتعالى لا في الجنة ولا قبلها!!

وفاتهم ثانياً: أنهم إذا جعلوا عدم الأخذ بأحاديث الرؤية هدماً للسنة، فقد ارتكبوا هم ذلك وهدموا أحاديث عائشة الصحيحة عندهم برواية البخاري ومسلم وغيرهما!

والإنصاف أن آيات نفي الرؤية صريحة محكمة، ولا يصح معارضتها بظاهر آيات يبدو منها إمكان الرؤية بالعين، بل يجب حمل متشابه القرآن على محكمه، والحكم بأن ظاهر المتشابه غير مراد.

أما الأحاديث ففيها أحاديث تنفي الرؤية، وأحاديث أخرى تثبت الرؤية، وكلها عند إخواننا صحيحة روتها صحاحهم، وهي متعارضة بنحو لا يمكن الجمع بينها، فلا بد من ترجيح بعضها وطرح البعض الآخر، فلا يصح التهويل بأن ذلك من عمل الشيعة والمعتزلة وهو هدم للسنة الشريفة! لأن كل الذين قالوا برؤية الله تعالى بالعين مثل الألباني وابن باز قد طرحوا أحاديث عائشة، وكل الذين قالوا بنفي الرؤية واستحالتها طرحوا أحاديث الرؤية، وهذا ليس من هدم السنة في شئ، بل هو باب في أصول الفقه يسمى (التعادل والترجيح) ومن أصوله المقررة عند الجميع أنه عندما لا يمكن الجمع بين الأحاديث فلابد من ترجيح المجموعة التي تملك مرجحات على الأخرى.

والترجيح هنا لأحاديث نفي الرؤية كما رأيت، ونضيف إلى مرجحاتها على غيرها:

أن أحاديث نفي الرؤية موافقة لمحكم القرآن مثل قوله تعالى: لا تدركه الأبصار، وقوله تعالى: وليس كمثله شئ.

أنها موافقة للأصل، فإن الأصل هو عدم الحكم بإمكان رؤية الله تعالى بالعين حتى يتم الدليل القطعي.

أن أحاديث نفي الرؤية موافقة لمحكم القرآن مثل: لا تدركه الأبصار، وليس كمثله شيء.

أن أحاديث أهل البيت وعائشة النافية للرؤية ناظرة إلى أحاديث الإثبات ومكذبة لها، بينما أحاديث الرؤية ليست ناظرة لأحاديث نفيها ولا مكذبة لها.

أن أحاديث نفي الرؤية موافقة لحكم العقل القطعي، بعكس أحاديث إثباتها… إلخ.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=24161