نعم روي عن عمر بن الخطّاب وعبد اللّه بن عمر أنّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: «إنّ الميّت يعذَّب ببكاء أهله».[1]
أقول: إنّ ظاهر هذا الحديث يخالف فعل الخليفة في مواطن كثيرة أثبتها التاريخ.
منها: أنّه بكى على النعمان بن مقرن المزني لَمّا جاءه نعيه، فخرج ونعاه إلى الناس على المنبر، ووضع يده على رأسه يبكي.[2]
ومنها :بكاؤه على خالد بن الوليد عندما مات وامتنعت النساء من البكاء عليه، فلما انتهى ذلك إلى عمر، قال: و ما على نساء بني المغيرة أن يرقن من دمعهنّ على أبي سليمان ما لم يكن لغواً ولا لقلقة.[3]
ومنها: بكاؤه على أخيه زيد بن الخطّاب، وكان صحبه رجل من بني عدي ابن كعب فرجع إلى المدينة، فلمّـا رآه عمر دمعت عيناه، وقال: وخلّفت زيداً قاضياً وأتيتني.[4]
فالبكاء المتكرّر من الخليفة يهدينا إلى أنّ المراد من الحديث ـ لو صحّ سنده ـ معنى آخر ، كيف وأنّ ظاهر الحديث لو قلنا به فإنّه يخالف الذكر الحكيم، أعني قوله سبحانه: (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى). فأيّ معنى [5]لتعذيب الميّت ببكاء غيره عليه!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح مسلم:3/41 ـ 44، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه من كتاب الصلاة.
[2] العقد الفريد:3/235.
[3] العقد الفريد:3/235.
[4] العقد الفريد:3/235.
[5] فاطر:18.
