• امروز : پنج شنبه - 6 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Thursday - 25 April - 2024
0

لماذا يصمت نتنياهو أبو الجعجعة ويبلع لسانه هذه الأيام؟

  • 12 شوال 1440 - 23:52
لماذا يصمت نتنياهو أبو الجعجعة ويبلع لسانه هذه الأيام؟

لماذا يصمت نتنياهو ويبلع لسانه هذه الأيام وهو الذي حمل راية التهديد والتدمير لإيران؟ هل هو الرعب من الصواريخ التي ستنهال عليه من الشمال والجنوب والشرق؟ وما هو مصير القبب الحديدية؟ وكيف انهارت أسطورة “الباتريوت” بسبب صواريخ كروز اليمنية المنطلقة من كهوف صعدة؟ إليكم وجهة نظر مختلفة. يعكس صمت بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه […]

لماذا يصمت نتنياهو ويبلع لسانه هذه الأيام وهو الذي حمل راية التهديد والتدمير لإيران؟ هل هو الرعب من الصواريخ التي ستنهال عليه من الشمال والجنوب والشرق؟ وما هو مصير القبب الحديدية؟ وكيف انهارت أسطورة “الباتريوت” بسبب صواريخ كروز اليمنية المنطلقة من كهوف صعدة؟ إليكم وجهة نظر مختلفة.

يعكس صمت بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الأيام، وفي وقت تتصاعد فيه احتمالات المواجهة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الخليج الفارسی، الوضع الأصعب الذي تعيش فيه الدولة العبرية، وتراجع أهميّتها، ودورها الإقليمي كحامية لبعض الدول، مثلما تعكس أيضًا حالة الرعب التي تعيشها باعتبارها أحد الأهداف الرئيسية المتوقعة لأي رد انتقامي عسكري، سواء من قبَل إيران، أو من حلفائها، مثل “حزب الله” وحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في فلسطين المحتلة.

ربما يفيد التّذكير بأن نتنياهو كان طوال السنوات الماضية الأكثَر جعجعةً، وتهديدًا، وتحريضًا على ضرب إيران، ولا يمكن أن ننسى عروضه “البهلوانيّة” من على منبر الجمعية العامة للأُمم المتحدة وهو يلوح بالصّور، ووسائل الإيضاح، عن القنبلة النووية الإيرانية (المزعومة) وأخطارها على المنطقة، وضرورة تحرك العالم بأسره خلف إسرائيل، للتدخل لتدمير جميع المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية لتحييد هذا الخطر بصورة نهائية وبأسرع وقت ممكن.

نتنياهو الذي فشل في أن يكون ملك “دولة إسرائيل”، وتشكيل حكومة يمينية قوية بزعامته بعد فوزه الضعيف في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بات يدرك جيدا أن إيران لن ترفع الرايات البيضاء استسلاما، وباتت على استعداد للمواجهة، وتملك إمكانيات الرّد بشكل حاسم وجازم، وإلحاق أكبر قدر من الضرر بأعدائها، وأوّلهم الدولة العبرية، ولن تذهب إلى مائدة المفاوضات إلا بشروطها كاملة ودون أيّ مساس بترسانتها الصاروخية، وطُموحاتها النووية المَشروعة.

***

فعندما تضرب صواريخ “كروز” الحوثية مطار أبها الدولي في العمق السعودي، وفي وقت تبلغ درجة التشغيل فيه ذروتها، لأنّ المنطقة تعتبر الوجهة السياحية الداخلية الأكثر تفضيلًا للمواطنين السعوديين في شهر الصيف القائظ بسبب أجوائها المعتدلة، فإنّ نتنياهو يدرك جيّدًا أن هذا القصف هو رسالة مهمة جدا، يقول عنوانها أن مطار تل أبيب سيكون هو المستهدف في أي حرب قادمة، سواء من صواريخ “حزب الله” من الشمال، أو الفلسطينيّة من الجنوب الفلسطيني المحتل، الأمر الذي سيشكل هزة نفسيةً معنويةً هي الأُولى من نوعها منذ قيام الدولة العنصرية قبل سبعين عامًا، ستكرس انهيار نظريّة الأمان المدعومة بالقوة التي تشكل العمود الفقري لاستمرار وجودها.

لا يجرؤ نتنياهو، وهو الذي يتولى حقيبة وزارة الدفاع، على فتح فمه هذه الأيّام، وإطلاق تهديداته التي يجيد اختيار كلماتها، لأنّه يعلم جيّدًا ما يمكن أن ينتظره من ردّات فعل انتقاميّة، فهناك 150 ألف صاروخ مصوبة نحوه في عمق جبال جنوب لبنان الشامخة، مثلما يدرك أيضًا أن قببه الحديديّة التي أنفقت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من عشرة مليارات دولار على تطويرها لن تحميه أو مستوطنيه، من أخطار هذه الصواريخ التي باتت أكثر دقة في إصابة أهدافها، وتحمل رؤوسًا متفجرة يزيد وزن بعضها عن 500 كيلوغرام، أيّ بقدرة تدميريّة عالية جدا، يكفي واحد منها لإغراق تل أبيب في ظلام دامس.

منذ حرب 2006 التي دخلت التاريخ على أنّها الحرب التي انهزم فيها الجيش الاسرائيلي، وتدمرت فيها سمعة دبّابة “الميركافا”، فخر الصناعة الإسرائيليّة، لم يطلق نتنياهو رصاصة واحدة على جنوب لبنان، لأنّه يعرف ما يمكن أن ينتظره من أهوال، والسيّد حسن نصر الله زعيم “حزب الله” كان واضحا في خطابه الأخير من أنّ الحرب الكبرى إذا اندلعت شرارتها ستحرق منطقة الشرق الأوسط برمتها، ولن تكون محصورة داخل حدود إيران، وهذا الرجل، ونقولها للمرة الألف، لا يكذب.

الصاروخ الحوثي الذي أصاب هدفه في مطار أبها بدقة متناهية، وجاء بعد أيّام معدودة من إطلاق سبع طائرات مسيرة دمّرت مضخات خط أنابيب “شرق غرب” النفطي السعودي، هذا الصاروخ، وهذه الطّائرات المتواضعة التكاليف، دمرت أسطورة صواريخ “الباتريوت” الأمريكيّة التي يكلف الواحد منها أكثر من خمسة ملايين دولار، وجعلت الدول التي تنفق المليارات على شرائها مكشوفةَ الأجواء والأراضي أمام الخصوم في انقلاب تاريخي لموازين القوى العسكريّة في المنطقة ولمصلحة الأسلحة الروسية (صواريخ إس 400)، والصناعات الصاروخية المحلية.

إنّنا أمام داوود الصغير، الذي حطم جالوت العملاق، وأذلّه وأهانه، ولعل نتنياهو، وكل المستوطنين الإسرائيليين، يعلمون جيّدًا تفاصيل هذه الأسطورة التي يدرسونها إلى أطفالهم، وها هو الزمن يتغير، ويصبح داوود الفلسطيني، وداوود اللبناني، وداوود اليمني، هو الذي يملك الإرادة المصحوبة بأدوات القوة وآلياتها، ويستطيع أن ينتقم لنفسه وأهله وعقيدته، من الغطرستين الأمريكيّة والإسرائيليّة بكفاءة عالية.

ليس النظام الإيراني الذي سيتغيّر، وإنّما الغطرسة الأمريكيّة والإسرائيليّة، وكل حصاراتها وآلامها، وفي المنظور القريب، ويكفي الإشارة إلى أن مؤتمر تصفية القضية الفلسطينية في المنامة يواجه الفشل، وباتت صفقة القرن تشكل عارا على أعضاء حلف “الناتو العربي السني” الذين شحذوا أموالهم وخزائنهم لتمويله، وتنفيذ بنوده في إلغاء حق العودة، ونسف حل الدّولتين، وتمزيق مبادرة السلام العربيّة، وإقامة الوطن الفلسطيني البديل في الأردن، كم أخطأوا في قراءة الوقائع على الأرض، وتقييم حجم الإرادة العربيّة والإسلاميّة، والمبالغة في قدرات إسرائيل وأمريكا.

أصبحنا على بعد عشرة أيّام عن انعقاد هذا المؤتمر الذي يسوق جاريد كوشنر المسؤولين العرب كالقطيع إلى مكان انعقاده، ولم يجرؤ إلا طرفان حتّى الآن على المجاهرة بحضوره، وهما المملكة العربيّة السعوديّة ودولة الإمارات العربيّة المتحدة، ولا بد أنّهما ندما على تسرعهم بإعلان هذا القُبول، أما الدّول الأخرى التي قالت الإدارة الأمريكيّة أنّها ستحضر، مثل الأردن ومصر والمغرب، فقد التزمت الصمت، وتحاول التنصل من هذه الخطيئة بكل الطرق والوسائل.

***

إيران لن تجوع، وشعبها الصامد العنيد، لن يواجه آلام الحصار التي عاشها الشعب العراقي الشقيق، وإذا كتب عليه الموت فلن يموت إلا شهيدًا، واقفا على قدميه، يواجه الغزاة بشجاعة وإباء، فهذا الشعب يملك إرثًا حضاريا، وكرامةً وطنيّةً، وعمقًا تاريخيًّا يزيد عمره عن ثمانية آلاف عام قبل اكتشاف أمريكا، وإقامة دولة إسرائيل العنصرية على أرض فلسطين المغتصبة.

الأيّام المقبلة ستشهد مفاجآت مؤلمة لأمريكا وإسرائيل وحلفائها في المنطقة، وصفر صادرات نفطيّة إيرانيّة سيقابلها صفر صادرات خليجية وعراقية، وارتفاع سعر برميل النّفط إلى 200 دولار، وربما أكثر، ولن يكون هناك ما يمكن أن تخسره إيران وحلفاؤها الذين اختاروا خندق الشرف والكرامة وحق الدفاع عن النفس في مواجهة الاستكبارين الأمريكي والإسرائيلي.. فكرامة الشعوب الوطنية والشخصية التي لا يفهمها الغرب وترامب تحديدًا هي التي ستنتصر في نهاية المطاف، طال أمد الحرب أم قصر، والعبرة في النهايات.. والأيّام بيننا.

*عبد الباري عطوان/ رأي اليوم


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=23172

برچسب ها

اخبار المتشابه