• امروز : شنبه - 1 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Saturday - 20 April - 2024
0

علّة تصفيد الشياطين في شهر رمضان

  • 25 رمضان 1440 - 14:06
علّة تصفيد الشياطين في شهر رمضان

  تفيد عملية دراسة النصوص الإسلامية وتحليلها ، وجود علّتين لغلّ الشياطين ومنعها في شهر رمضان ، على النحو الّذي تأتي فيه العلّة الثانية في طول العلّة الاُولى . وهاتان العلّتان هما : العلّة الاُولى : الممانعة الطبيعية للصيام يُزيل الصوم على نحو طبيعي الأرضية الّتي تتحرّك عليها سلطة الشيطان للتأثير على الإنسان وإغوائه ، […]

 

تفيد عملية دراسة النصوص الإسلامية وتحليلها ، وجود علّتين لغلّ الشياطين ومنعها في شهر رمضان ، على النحو الّذي تأتي فيه العلّة الثانية في طول العلّة الاُولى . وهاتان العلّتان هما :

العلّة الاُولى : الممانعة الطبيعية للصيام

يُزيل الصوم على نحو طبيعي الأرضية الّتي تتحرّك عليها سلطة الشيطان للتأثير على الإنسان وإغوائه ، وبتعبير أدقّ ليست السلسلة الّتي تقيّد الشيطان وتغلّه في شهر رمضان سوى الصوم نفسه ، ومن هنا ما جاء عن النَّبي في قوله صلى الله عليه و آله : « إنَّ الشَّيطانَ لَيَجري مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَى الدَّمِ فَضَيِّقوا مَجارِيَهُ بِالجوعِ ». [1] فهذا الحديث يدلّ بوضوح على أنَّ الصوم يمنع سلطة الشيطان عن الإنسان على نحو طبيعي .

إنَّ السلسلة الّتي ينطوي عليها الصوم لا تقتصر على تصفيد الشيطان وحدَه ، بل تتخطّى ذلك إلى احتواء نوازع النفس الأمّارة وإلى أسرها ، ممّا يؤدّي إلى ردع سلطتها على الإنسان ، وكما قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : « نِعمَ العَونُ عَلى أسرِ النَّفسِ وكَسرِ عادَتِهَا التَّجَوُّعُ » . [2] على هذا الأساس ، فإنَّ جميع الروايات الّتي جاءت تمتدح الجوع وتثني على دوره في بناء النفس وتربيتها ، إنّما تهدف بالحقيقة إلى إيجاد المانع الطبيعي الّذي يصدّ سلطة الشيطان على الإنسان ويحصنه من نوازع النفس الأمّارة وإغواءاتها ، كما تهدف أيضا تحرير قواه العقلية وإطلاق قابليّاته الإنسانية ، على ما يبدو ذلك واضحا من النموذجين الروائيين التاليين اللذين اخترناهما من بين هذا النمط من الروايات [3] : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :« جاهِدوا أنفُسَكُم بِالجوعِ وَالعَطَشِ ، فَإِنَّ الأَجرَ في ذلِكَ كَأَجرِ المُجاهِدِ في سَبيلِ اللّه ِ » . [4] وعنه صلى الله عليه و آله أيضا : « أحيوا قُلوبَكُم بِقِلَّةِ الضِّحكِ وقِلَّةِ الشِّبَعِ ، وطَهِّروها بِالجوعِ تَصفو [5]وتَرِقّ » . [6]

العلّة الثانية : اللطف الإلهي الخاص

بالإضافة إلى الرصيد الّذي يوفّره صوم شهر رمضان للصائمين طبيعيا ، متمثّلاً باحتواء سلطة الشيطان وردع إغواءاته عنهم ، فإنَّ هذه الممارسة العبادية تتحوّل
بنفسها إلى أرضية لانهمار ألطاف اللّه عليهم وشمولهم بها ، وحينئذٍ فإنَّ ما جاء في الأحاديث من تصفيد الشياطين ، وغلّها في هذا الشهر إنّما هو إشارة لهذا المعنى . بعبارة اُخرى ، إنَّ اللطف الإلهي ليس جزافا حتّى يصحّ السؤال : لماذا لم يمنع سبحانه سلطة الشياطين ويحول بينها وبين الإنسان في بقيّة الشهور ؟ كلاّ ، إنّما ينشأ مبدأ التوفيق الرباني واللطف الإلهي من واقع اختيار الإنسان نفسه ، ودخوله في رحاب الضيافة الرمضانية .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] «وَ قَالَ الشَّيْطَـنُ لَمَّا قُضِىَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَ عَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ مَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَـنٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُم» ( إبراهيم : 22 ) .
[2] عيون الحكم والمواعظ : ص 494 ، غرر الحكم : ح 9944 وفيه « أشر» بدل « أسر» .
[3] للاطّلاع على المزيد من هذه الروايات ، راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 88 (بركات ضيافة اللّه / الحكمة) و(التقرّب إلى اللّه ) ، وص 89 ، ح 176 و 177 وص 93 ، ح 199 و ح 202 .
[4] إحياء علوم الدين : ج 3 ص 124 ؛ المحجّة البيضاء : ج 5 ص 146 .
[5] كذا في المصدر والقياس : « تَصْفُ » .
[6] إحياء علوم الدين : ج 3 ص 129 ؛ المحجّة البيضاء : ج 5 ص 154 .


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=21206