• امروز : سه شنبه - 4 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Tuesday - 23 April - 2024
0

مولد الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف

  • 16 شعبان 1440 - 11:56
مولد الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف

  قال الإمام الصادق عليه السّلام: -إنه لا يموت منا ميت حتى يخلّف من بعده من يعمل بعمله و يسير بسيرته و يدعو إلى ما دعا إليه‌ [1] . (و قال عند ذكر أولى صفات القائم عليه السّلام و علاماته: ) -هو خفيّ المولد و المنشأ، غير خفيّ في نفسه‌ [2] . (و قد ولد هكذا-معلنا عنه، مستورة ولادته-في […]

 

قال الإمام الصادق عليه السّلام:

-إنه لا يموت منا ميت حتى يخلّف من بعده من يعمل بعمله و يسير بسيرته و يدعو إلى ما دعا إليه‌ [1] .

(و قال عند ذكر أولى صفات القائم عليه السّلام و علاماته: ) -هو خفيّ المولد و المنشأ، غير خفيّ في نفسه‌ [2] .

(و قد ولد هكذا-معلنا عنه، مستورة ولادته-في سرّ من رأى في العراق، نظيفا منظّفا، مفروغا منه، مختونا-كما هو شأن كل إمام-يتلقى الأرض بمساجده السبعة. و كان ذلك عند بزوغ الفجر من صبيحة يوم الجمعة في النصف من شعبان سنة 255 هجرية.. و تناولته‌ السيدة حكيمة، عمّة أبيه، بنت الإمام الجواد عليه السّلام و ناولته لأبيه، و كان مكتوبا على عضده بالنور: جاء الحق و زهق الباطل! [۳] .

ذاك أنه سيحق الحقّ بثورته العالميّة و يزهق الباطل و يسحق الظالمين. و من العادة أن يكون مكتوبا على عضد الإمام عند ولادته: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً [۴] ..

و قد جاء عن الإمام الرضا عليه السّلام قوله: -سقط من بطن أمه جاثيا على ركبتيه، رافعا سبّابته نحو السماء، ثم عطس فقال: ألحمد للّه رب العالمين، و صلّى اللّه على محمّد و آله، عبد ذاكر للّه، غير مستنكف و لا مستكبر. زعمت الظّلمة أن حجّة اللّه داحضة. و لو أذن لنا في الكلام لزال الشك‌ [۵] ..

(وروت السيدة حكيمة هذا الكلام بلفظه) : و كان يومئذ في مدينة قمّ منجّم يهوديّ مشهور، قصده أحمد بن إسحاق وكيل أبيه العسكريّ في قمّ و صاحبه الجليل و قال له: قد ولد مولود في وقت كذا، فاعمل له ميلادا و طالعا. فنظر اليهودي في الطالع و عمل عملا و قال لابن إسحاق: لست أرى النجوم تدلّني فيما يوجبه الحساب.. لا يكون هذا المولود إلاّ نبيّا أو وصيّ نبيّ. و إن النظر يدلني على أنه يملك الدنيا شرقا و غربا، و سهلا و جبلا، حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد إلاّ دان له و قال بولايته! [۶] .

فقد ولد المهديّ أيها المتقوّلون، و وافق على ولادته الخاص و العامّ، و إن كانوا قد اختلفوا نظريّا في بقائه حيّا طويل العمر..

و إذا كان لم يولد، فلماذا بذل الخليفة العباسيّ جهده في البحث عنه ليقتله و يبطل أقوال آبائه فيه و يظهر كذبهم‌ [۷] ؟!. فعصمه اللّه منه، و ردّ كيد الخليفة إلى نحره فمات بغيظه و مات معه جعفر الكذاب بحقده، و لم ينالا بغيتهما..

نعم، ولد باعتراف كتب التاريخ حتى المزوّرة منها للأخبار.. و قد حصل ذلك في بيت أبيه العسكري عليه السّلام الماثل للعيان حتى اليوم في سامرّاء، مزارا مقدّسا و منارة مشعّة تبهر الأبصار. و لذلك قال بإمامته كل القائلين بإمامة أبيه بعد أن رأوا آياته و معجزاته كما سترى.. فمن أنكره من بعد ما علمه فقد أنكر قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من عرفه آمن به و صدّق و لم يكترث بغير ذلك من الأقوال المضلّلة عن الحق.

و لو لم يكن لأبيه ولد-كما شوّش الأعداد و هوّشوا-فلماذا كبس جيش الخليفة دار أبيه مرارا، و فتشها بكل دقة، مرة ليقبض عليه و يقتله، و أخرى ليقبض على أمه الحبلى و ليحبسها حتى تضع في غياهب السّجون فيذبح وليدها متى وضعته، بعد أن أدخلت القوابل في ذهن الخليفة أن أم المهديّ لا تزال حبلى!!! وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اَللََّهُ، وَ اَللََّهُ خَيْرُ اَلْمََاكِرِينَ [۸] .. فاسأل‌ بذلك الزبيريّ الذي كان من جلاوزة السلطة الحاكمة، و الذي كان شديد العداوة للعسكريّ عليه السّلام يتمنى لو تسنّى له أن يقتله قبل أن يولد له ولد، ليكذّب شيعته في عقيدتهم بأن العسكريّ عليه السّلام لا بدّ أن ينجب إماما منتظرا يقوّض عروش الظلم، إسأل بذلك ذاك الزبيريّ الحقود الذي سلّط اللّه عليه من قتله قبل أن تتم مكائده، فقال العسكريّ عليه السّلام حين بلغه خبر قتله:

هذا جزاء من افترى على اللّه تبارك و تعالى في أوليائه!. زعم أنه يقتلني و ليس لي عقب!. فكيف رأى قدرة اللّه عزّ و جلّ؟! [۹] .

أجل، ولد، و ولدته نرجس‌ [۱۰] بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، التي أمّها من ولد الحواريين، تنسب إلى شمعون وصي المسيح عليه السّلام، سارت مع جيش أبيها متنكّرة في زي‌ الخدم مع عدة من وصائفها ليداوين الجرحى في حرب من حروب المسلمين في جنوبي شرقي أوروبا، فصادفتهنّ طلائع جيش المسلمين بعد هزيمة جيش العدوّ، فأخذتهنّ أسيرات و ما أحس أحد بأنها بنت قيصر.. و عند ما عرضت للبيع مع السبايا غيّرت اسمها و قالت: اسمي نرجس، لأنه اسم تتسمّى به الجواري. و كان والدها قد علّمها لغات مختلفة من جملتها اللغة العربية التي استمرّ لسانها عليها و ألفها و استقام لها جيدا.. و كان ذلك في أيام الإمام الهادي عليه السّلام فكلّف أحد أصحابه‌ [1۱] بشرائها حين وصلت إليه قصتها و عرف بإبائها أن تباع لمن عرضوا عليها، لأنه كان يعلم أنها مرصودة لولده، فتمّ ذلك و اشتراها صاحبه و أحضرها إليه، فكلّف خادمه كافورا أن يستدعي له أخته السيدة الجليلة حكيمة، فجاءت فقال لها:

ها هيه‌ [۱2] ، فخذيها و علّميها الفرائض فإنها زوجة ابني أبي محمد و أمّ القائم عليه السّلام!.

فهل فكر امرؤ بقول الهادي عليه السّلام. ها هيه؟. و هل علم القارى‌ء حلاّ للغز هذه اللفظة؟. لا، فمن المؤكد أن الإنسان لا يفكر بهذه السرعة ليعلم المقصود.. فها هيه تدل على أن أمّ القائم عليه السّلام كانت معروفة في بيت الهادي بذاتها و صفاتها، و كانت منتظرة، و البيت كلّه على موعد معها. يعني أنها ليست غريبة على سمع الهادي و لا على سمع أخته و أهل بيته، لأنها ليست ككل سبيّة تباع و تشترى!. نعم إنها كذلك:

يعرفها أهل البيت، و يعرف الإمام العاشر كامل قصتها و ظروف وصولها إلى بيته بعهد معهود متوارث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‌. و كانت هذه الفتاة الشريفة قد رأت في منامها -و هي في بيت أبيها-أن النبيّ محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد حضر إلى بيتها مع بنته الزهراء عليها السّلام و جلس إلى عيسى بن مريم عليهما السّلام و جلست الزهراء إلى مريم بنت عمران عليها السّلام ثم خطبها النبيّ من المسيح لولده الحسن العسكريّ، ثم رأت كأن الزهراء أرتها صورة العسكري و عرّفتها قدره و علّمتها كيف تصل إليه‌ [1۳] .. فأفاقت من هذا الحلم الذهبيّ الذي أخذ بمجامع قلبها و أنار طريق حياتها و خلع عليها بهجة و أملا عظيما، أفاقت لتتدبّر أمر وصولها إلى خاطبها العظيم كما علّمتها سيدتها الزهراء، و لتجعل الحلم حقيقة واقعة.. و هكذا كان.. و كان أن وصلت إلى بغداد مع السبايا، و عرض عليها من عرض فرفضت أن تباع لأحد حتى تلقّت فيما تلقّت رسالة الهادي عليه السّلام فعرفت صاحبها [۱۴] ، و وافقت و أمرت النخّاس أن يجري البيع لصاحب الرسالة…

ثم وصلت إلى بيت أذن اللّه أن يرفع و يذكر فيه اسمه.

فابنها مولود، و موجود.. و كما أن من المستحيل على الناس أن يكونوا بلا سلطان زمنيّ يكونون في ظلّه أقرب إلى صلاح الأوضاع الدنيوية-كما هو شأن الممالك و الجمهوريات و الإمارات-فإن من المستحيل على اللّه تعالى أن يترك المكلّفين بلا سلطان دينيّ يعيشون في ظلّه و يكونون بوجوده أقرب إلى صلاح الحال و البعد عن الفساد كما قال أسلافنا الشرفاء و كما هو الحق. لأن الإمام يدأب على الدعاء إلى اللّه سبحانه و الاستغفار للعباد ليرفع عنهم البلاء، و ليعمّهم الخير و الرزق، و تشملهم الرحمة و الهدى، إلى جانب انتباه كل واحد من العباد أنه مطالب بالتمسك بالعقيدة و الإيمان، و بالسيرة الحسنة و بالتزام جادة الحق أمام إمام موجود، لأن اللّه تعالى يدعو كل أناس بإمامهم الذي كان قيّما على شؤونهم.. و قد روي عن الصادق عليه السّلام أن اللّه تعالى قال في معرض تعداد الأوصياء كما قرأ في لوح جدّته فاطمة عليها السّلام:

-ثم أكمل ذلك بابنه-أي بابن العسكريّ الذي كان قد ذكره بعد آبائه-رحمة للعالمين، عليه كمال موسى، و بهاء عيسى، و صبر أيوب! [۱۵] .

فالخيرة بذلك للّه.. و للّه وحده!. و المماحكة في هذا الموضوع كالقول: لم
خلق اللّه هذا طويلا و ذاك قصيرا، أو لم جعل هذا أبيض و ذاك أسود، و لم قدّر لفلان الغنى و للآخر الفقر؟!. إن هي إلاّ اعتراضات لا مسوّغ لها في منطق حكمة اللّه!.

هذا هو الحجة و لا حجّة بعده، و لا حقّ إلاّ معه، و لا نور و لا فرقان إلاّ عنده.. و لا منصور عليه، لأنه ولي اللّه في أرضه و أمينه على عباده.. فمن أنكره أنكر جدّه الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و نبذ كلّ حديث قدسي ثابت، و كان ممن يقال لهم:

أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ اَلْكِتََابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ؟ ![1۶] .

هذا هو، و لا يرتاب في غيبته إلاّ من استحوذ عليه الشيطان و سدّ عليه آفاق التفكير المتفتح إلى الحق، و أغلق قلبه كيلا يلج إليه الحق!.

ـــــــــــــــــــــــــ
[1] الكافي م 1 ص 397.
[2] الغيبة للنعماني ص 88
[۳] مثير الأحزان ص 296
[۴] الأنعام-115
[۵] كشف الغمة ج 3 ص 288
[۶] البحار ج 51 ص 23.
[۷] الغيبة للطوسي ص 149
[۸] آل عمران-54.
[۹] البحار ج 51 ص 4
[۱۰] ذكر المؤرخون لها أسماء كثيرة: هي مليكة، سوسن، حكيمة، خمط، مريم، ريحانة، سبيكة، صقيل، و نرجس،
[۱1] هو مولاه الذي يدعى بشر بن سليمان النخاس، و هو من نسل أبي أيوب الأنصاري. أنظر مثير الأحزان ص 290 و 291.
[۱2] راجع الغيبة للطوسي ص 128
[1۳] البحار ج 51 ص 6-10
[۱۴] و قد كانت الرسالة باللغة الرومية. أنظر إلزام الناصب ص 92 و غيره من المصادر.
[۱۵] عيون أخبار الرضا ج 1 ص 36.
[1۶] البقرة-85.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=16338