• امروز : پنج شنبه - 6 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Thursday - 25 April - 2024
0

التبرّك بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وآثاره

  • 12 شعبان 1440 - 11:29
التبرّك بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وآثاره

  من مراتب التوحيد، التوحيد في الخالقية، بمعنى أنّه لا يوجد للعالم إلاّ خالق واحد، وأنّ العالم بكلّ تجلّياته المختلفة مخلوق له سبحانه، وانّ جميع الظواهر المادية وغير المادية فاقدة ذاتاً لكلّ أنواع الكمال، وإذا ما تحلّت ظاهراً بالكمال فما ذلك إلاّ في ظل المشيئة والإرادة الإلهية. وهذا الأصل من الأُصول المتسالم عليها بين الموحّدين […]

 

من مراتب التوحيد، التوحيد في الخالقية، بمعنى أنّه لا يوجد للعالم إلاّ خالق واحد، وأنّ العالم بكلّ تجلّياته المختلفة مخلوق له سبحانه، وانّ جميع الظواهر المادية وغير المادية فاقدة ذاتاً لكلّ أنواع الكمال، وإذا ما تحلّت ظاهراً بالكمال فما ذلك إلاّ في ظل المشيئة والإرادة الإلهية.

وهذا الأصل من الأُصول المتسالم عليها بين الموحّدين والمشركين،وهذا ما أشارت إليه آيات الذكر الحكيم التي جاءت على نحو السؤال والجواب أو على نحو القضية الشرطية، ومنها قوله تعالى:

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمواتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ).[1]

نعم، انّ الاختلاف بين الموحّدين وبين مشركي عصر الرسالة كان في «المدبريّة» حيث كان يرى الموحّدون انّ «المدبرية» أيضاً تنحصر في اللّه سبحانه فهو الخالق وهو المدبّر في آن واحد، وأمّا المشركون فقد كانوا يرون أنّ لآلهتهم المزيّفة نصيباً في تدبير العالم وإدارة شؤونه.

وهنا مسألة جديرة بالاهتمام ينبغي الالتفات إليها وهي أنّ حصر الخالقية
والمدبّرية في اللّه سبحانه لا يعني بحال من الأحوال نفي تأثير الظواهر المادية وغير المادية بعضها بالبعض الآخر، وذلك لأنّه قد أثبتت آيات الذكر الحكيم وكذلك الأدلّة العلمية والفلسفية أنّ عالم الخلق قائم على سلسلة من العلل والمعاليل، وبعبارة أُخرى: الأسباب والمسبّبات، وأنّ الظاهرة المتقدّمة تؤثر ـ وتحت شرائط خاصة ـ في الظاهرة اللاحقة. ولكن جميع تلك التجلّيات «المؤثّر» و«المؤثّرية» و «الأثر» كلّها تخضع لمشيئته وإرادته سبحانه، فشعاع الشمس، وتلألؤ القمر، والإحراق للنار، ونمو النباتات بواسطة الماء، وغير ذلك من الظواهر، كلّها إنّما تعمل عملها وتؤثر أثرها في ظل إرادته سبحانه، وإذاما انقطعت الإرادة الإلهية ولو لحظة واحدة لم يبق من عالم الخلق شيء يذكر أبداً.

ولمزيد التوضيح نقول: إنّ في عالم الوجود يوجد سبب واحد يتّصف بالأصالة والواقعية وهو اللّه سبحانه،ولكن وفي نفس الوقت يوجد في قلب عالم الوجود سلسلة من الأسباب والعلل الفرعية والتبعية التي تعمل في إطار إرادته ومشيئته سبحانه وتعالى، فعلى سبيل المثال نمو الأشجار وحياة الإنسان يخضعان لسلسلة من العلل والأسباب الطبيعية بحيث لو انتفت لانتفى وجود النبات والإنسان قطعاً. وهذه الأسباب تتمثّل في الماء والهواء والنور و…، ومن هنا يمكن اعتبار تلك الأسباب والعلل من جنود اللّه سبحانه التي تخضع لأوامره وتمتثل مقرراته سبحانه.

ولقد صرحت الآية 22من سورة البقرة بهذا المؤثر التبعي، أو ما يصطلح عليه الفلاسفة بـ «المؤثّر الظلي» حيث جاء فيها:

(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وأنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ).[۲]

فإنّ الحرف «ب» في قوله «به» يعطي معنى السببيّة، وهذا تصريح بمؤثّرية الماء في نمو الثمار .

ومن الأُصول المسلّمة لدى علماء الطبيعة عامّة والأحياء خاصة هو البحث عن العلاقات بين الظواهر المتنوعة لغرض معرفة الأسباب والعلل الطبيعية والمادية، لكي يتسنّى لهم من خلال تلك المعرفة الاستفادة من المنافع الناجمة عنها، واجتناب الأضرار التي قد تواجههم في ذلك.

إنّ نقطة الخلل في التفكير المادي تكمن في أنّهم نظروا إلى عالم المادة نظرة أُحادية الجانب بحيث اعتبروا تلك العلل والأسباب التبعية والظلية أسباباً وعللاً مستقلة غافلين عمّا وراء المادة من عالم غيبي هو الفاعل والسبب الحقيقي والواقعي وهو المدبّر للعالم والمانح للأسباب والعلل المادية قدرة الفاعلية وإمكانية التأثير، وهو الذي رسم للعالم المادي وغير المادي مساره ونهجه الذي ينبغي السير عليه.

ـــــــــــــــــــــــــ
[1] العنكبوت:61.
[۲] البقرة:22.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=15988