• امروز : پنج شنبه - 6 اردیبهشت - 1403
  • برابر با : Thursday - 25 April - 2024
1

هل انّ هذا التوسّل يتضمن دعوة غير اللّه سبحانه ؟

  • 01 شعبان 1440 - 9:17
هل انّ هذا التوسّل يتضمن دعوة غير اللّه سبحانه ؟

  تقوم هذه الشبهة على أنّ هناك الكثير من الآيات التي تنهى الإنسان المسلم عن دعوة غير اللّه سبحانه، منها قوله تعالى:(فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحداً)[1]، وقوله عزّ من قائل:(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ).[2] وحينئذ كيف يجوز للإنسان المؤمن أن يدعو غيره سبحانه وأن يتوسّل بمقام ومنزلة غير اللّه سبحانه؟ جواب الشبهة إنّ […]

 

تقوم هذه الشبهة على أنّ هناك الكثير من الآيات التي تنهى الإنسان المسلم عن دعوة غير اللّه سبحانه، منها قوله تعالى:(فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحداً)[1]، وقوله عزّ من قائل:(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ).[2] وحينئذ كيف يجوز للإنسان المؤمن أن يدعو غيره سبحانه وأن يتوسّل بمقام ومنزلة غير اللّه سبحانه؟

جواب الشبهة

إنّ من أوهن الإشكالات التي أُثيرت حول التوسّل هو هذا الإشكال والذي تمسّك به المخالفون، وحاولوا تطبيق تلك الآيات ـ التي وردت في ذم عبدة الأوثان والمشركين ـ على المؤمنين الصالحين!! والحال انّ الإمعان في الآيات يكشف وبوضوح أنّ المشركين وعبدة الأوثان كانوا يعتقدون أنّ أصنامهم آلهة مدبّرة للعالم ومتصرفة فيه، في الوقت الذي نرى فيه المؤمنين يرون أنّ الرسول الأكرم عبداً من عباد اللّه سبحانه وداعياً إلى توحيد اللّه والإيمان به وربط الناس به سبحانه وتعالى.

ومن هنا لابدّ من دراسة تلك الآيات وتسليط الضوء عليها، ومن تلك الآيات:

قوله تعالى: (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحداً).[3]

إنّ هذه الآية في الحقيقة في مقام النهي عن الدعوة المقترنة بالعبادة والخضوع للمدعو، ولذلك نهت الآية عن هذا النوع من الدعوة، وأمّا الدعوة المجرّدة من الاعتقاد بكون المدعو إلهاً أو فوض إليه فعل الإله فلا تدل الآية على النهي عنه أبداً.

ولو كانت الآية في مقام النهي عن مطلق الدعاء حتى المجرّد من الاعتقاد المذكور لكانت مخالفة لأمره تعالى، حيث أمر سبحانه المؤمنين بالحضور عند الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) وطلب الاستغفار منه، كما في قوله تعالى:(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحيماً).[۴]

وحينئذ يمكن للإنسان أن يدعو اللّه ويطلب منه المغفرة والتوبة، وفي نفس الوقت يدعو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويطلب منه أن يستغفر اللّه له.

وبالنتيجة يكون قوله تعالى: (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّه)النهي عن جعل الشريك له سبحانه ودعوة ذلك الشريك على أنّه ربّ قادر على القيام بالعمل وتلبية الطلب بصورة مستقلة، أو أنّه قد فوّض إليه فعل الرب.

ونفس هذا الكلام يجري في خصوص الآية الثانية، وهي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ عِبادٌ أَمثالكُم)بقرينة قوله تعالى: (عِبادٌ أَمثالكُم) فيكون معنى الآية : لا تعبدوا تلك الآلهة المزيفة ولا تخضعوا لها، لأنّهم (عِبادٌ أَمثالكُم)ليس لهم امتياز وتفوّق عليكم فما هو المبرر للخضوع لهم وعبادتهم؟!

وعلى هذا الأساس يكون الهدف من نفي دعوة غير اللّه إلى جنبه تعالى

(فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّه) أو دعوتهم بصورة مستقلة، هو نفي الدعوة المقترنة باعتقاد الإلوهية للمدعو، وأمّا الدعوة المجردة عن هذا الاعتقاد فلا بأس بها، بل انّها تشكّل الأساس لحركة الحياة البشرية، قال تعالى: (نَدْعُ أبْناءَنا وَأَبْناءَكُم).[۵]

وفي آية أُخرى يقول سبحانه: (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً).[۶]

وعلى هذا الأساس لا يكون المراد من الآيات السابقة النهي عن مطلق الدعاء والنداء، بل المراد الدعاء الحاكي عن الخضوع والخشوع أمام من يعتقد أنّه اللّه، أو على أقلّ تقدير فوّض إليه فعل اللّه.

ومن هنا نعرف أنّه لا علاقة بين هاتين الآيتين ونظائرها من الآيات، وبين دعوة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) باعتباره عبداً من عباد اللّه المكرمين، ليس بإله ولا فوّض إليه فعل الإله.

ومع شديد الأسف نجد المخالفين لفكرة التوسّل قد جمعوا تلك الآيات الواردة في حقّ المشركين و الآلهة المزيفة من الأوثان والأصنام، وحاولوا تطبيقها على جميع المسلمين المتوسّلين بالأرواح المقدّسة. والحال انّ هذه الآيات خارجة عن محط النزاع من جهتين:

1. انّ مصبّها المشركون وليس الموحّدين.

2. إنّما اتّسم فعل المشركين بالعبادة باعتبار أنّهم قد اعتقدوا بإلوهية الأوثان ودعوها وخضعوا لها من هذا المنطلق، والحال أنّ خضوع المسلمين منزّه من تلك الوسمة، بل هو نوع تكريم واحترام، وتوسّل بالسبب الذي جعله اللّه تعالى وسيلة للتقرب إليه.

ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الجن:18.
[2] الأعراف:194.
[3] الجن:18.
[۴] النساء:64.
[۵] آل عمران:61.
[۶] النور:63.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=14546