إنّ المشهور أنّ وفاة السيدة زينب الكبرىعليهاالسلام كان في يوم الأحد مساء الخامس عشر من شهر رجب [١] ، مِن سنة ٦٢ للهجرة. [٢]
وهناك أقوال أخرى ـ غير مشهورة ـ في تحديد يوم وسنة وفاتها.
ولقد أهمل التاريخ ذكر سبب وفاتها!
أم أنّها قُتِلَت بسبب السُمّ الذي قد يكون دُسّ إليها من قِبَل الطاغية يزيد ، حيث لا يَبعُد أن يكون قد تمّ ذلك ، بسرّيةٍ تامّة ، خَفيَت عن الناس وعن التاريخ.
وعلى كل حال ، فقد لَحِقَت هذه السيدة العظيمة بالرفيق الأعلى ، وارتاحت من توالي مصائب ونوائب الدهر الخؤون.
لقد فارقت هذه الحياة بعد أن سجّلت إسمها ـ بأحرف من نور ـ في سجل سيدات النساء الخالدات ، فصارت ثانية أعظم سيدة من سيدات البشر ، حيث إنّ أمّها السيدة فاطمة الزهراءعليهاالسلام هي : أولى أعظم سيّدة من النساء ، كما صرّح بذلك أبوها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث قال : « وأمّا ابنتي فاطمة .. فهي سيدة نساء العالمين ، من الأوّلين والآخرين ». [۳]
ويُقيم المسلمون الشيعة وغيرهم مجالس العزاء والمآتم ، في كلّ سنة ، حينما تمرّ عليهم هذه الذكرى الأليمة ، ويتحدّث الخطباء والشعراء في تلك المجالس والمآتم على الجوانب المختلفة لحياة هذه السيدة العظيمة ، وعن فصول حياتها المزدحمة بالفضائل والمكرُمات ، والمقرونة بالمصائب والنوائب.
وقد جاء في التاريخ : أنّه بعد مرور عام على وفاتها ، وفي نفس اليوم الذي تُوفّيت فيه السيدة زينب عليهاالسلام إجتمع أهل مصر .. جميعاً ، وفيهم الفقهاء وقرّاء القرآن وغيرهم ، وأقاموا لها مجلساً تأبينيّاً عظيماً بإسم ذكرى وفاتها ، على ما جرت به العادة ـ مِن إقامَةِ مَجلِس العَزاء والتَأبين بَعْدَ مُرور عام على وفاةِ الميّت ـ ومن ذلك الحين لم ينقطع إحياء هذه الذكرى إلى عصرنا هذا ، وإلى ما شاء الله ، ويُعبّر عن موسم إحياء هذه الذكرى ـ في مصر ـ بـ « المولد الزينبي » وهو يبتدأ من أول شهر رجب .. من كلّ سنة ، وينتهي ليلة النصف منه ، وتُحيى هذه الليالي بتلاوة آيات القرآن الحكيم ، وقراءة مدائح أهل البيت النبوي ، والتي يُعبّرون عنها بـ « التواشيح ».
ويكون المجلس عظيماً جداً حيث يشترك فيه أهل مدينة القاهرة ، والمُدن المصريّة الأخرى .. حتى البعيدة منها ، ثم يدخلون إلى مرقدها الشريف ، للسلام عليها ، وقراءة سورة الفاتحة على روحها الزكية الطاهرة. [۴]
ـــــــــــــــــــــــــ
[١] وهناك قول : بأنّها توفّيت مساء يوم الرابع عشر من رجب.
[٢] كتاب « أخبار الزينبات » للعُبيدلي ، ص ١٢٢.
[۳] كتاب « أمالي الصدوق » طبع بيروت ـ لبنان ، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، ص ٣٩٤
[۴] كتاب زينب الكبرى ، للشيخ جعفر النقدي ، وقد نقلنا ذلك بتصرّف منّا في بعض الكلمات.