قامت السيدة أم البنين برعاية سبطي رسول الله صلىاللهعليهوآله وريحانتيه وسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهالسلام ، وقد وجدا عندها من العطف والحنان ما عوضهما من الخسارة الأليمة التي مُنيا بها بفقد أمهما سيدة نساء العالمين ، فقد توفيت وعمرها كعمر الزهور ، فترك فقدها اللوعة والحزن في نفسيهما.
لقد كانت السيدة أم البنين تكن في نفسها من المودة والحب للحسن والحسين عليهماالسلام ما لا تكنّه لأولادها اللذين كانوا ملء العين في كمالهم وآدابهم.
لقد قدّمت أم البنين أبناء رسول الله على أبنائها في الخدمة والرعاية ، ولم يعرف التاريخ أنّ شريكة تخلص لأبناء شريكتها وتقدّمهم على أبنائها سوى هذه السيدة الزكية ، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً لأن الله أمر بمودتهما في كتابه الكريم فقال تعالى : (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ) [١] وهما وديعتا رسول الله صلىاللهعليهوآله وريحانتاه ، وقد عرفت أم البنين ذلك فوفت بحقهما وقامت بخدمتهما خير قيام [٢].
روي أنها لما زفت إلى بيت الامام أمير المؤمنين عليهالسلام وجدت الامامين الحسن والحسين عليهماالسلام مريضين ، فأخذت تمرهما وتقوم برعايتهما ، وتلاطفهما في القول ، وتطيب لهما الكلام ، حتى عوفيا من مرضهما وبرئا من علتهما.
ثم إنّها ـ على ما قيل ـ طلبت من الامام أمير المؤمنين عليهالسلام أن يعهد إلى أهل بيته بأن لا يدعوها أحد بعد ذلك باسمها «فاطمة» ، مخافة أن يتذكر أبناء فاطمة الزهراء عليهاالسلام أمهم فيتجدّد حزنهم ويلكأ جرح مصابهم ، فتثار أشجانهم وتعود اليهم ذكرياتهم ، فدعاها أمير المؤمنين بـ «أم البنين» [٣].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[١] سورة الشورى : الآية ٢٣.
[٢] العباس رائد الكرامة : ٢٧.
[٣] أنظر : الخصائص العباسية : ٢٥