• امروز : پنج شنبه - 9 فروردین - 1403
  • برابر با : Thursday - 28 March - 2024
0

الرد علی القول بعدم جواز المانعون لزیارة القبور

  • 13 جمادى الآخرة 1440 - 16:44
الرد علی القول بعدم جواز المانعون لزیارة القبور

  لقد تمسّك المانعون للنساء عن زيارة القبور بالحديثين التاليين: الحديث الأوّل: «لعن اللّه زوّارات القبور».[1]متذرّعين بأنّ ذلك صريح في المنع، لأنّ اللعن لا يجتمع مع الإباحة. وجوابه إنّ هذا الحديث لا يصح مستنداً للمنع، لأنّه لا تتوفر فيه شروط الاستدلال، وذلك لأنّه منسوخ وفقاً للأدلّة السابقة، والملاحظ أنّ بعض المحدّثين من أهل السنّة ذهبوا […]

 

لقد تمسّك المانعون للنساء عن زيارة القبور بالحديثين التاليين:

الحديث الأوّل: «لعن اللّه زوّارات القبور».[1]متذرّعين بأنّ ذلك صريح في المنع، لأنّ اللعن لا يجتمع مع الإباحة.

وجوابه

إنّ هذا الحديث لا يصح مستنداً للمنع، لأنّه لا تتوفر فيه شروط الاستدلال، وذلك لأنّه منسوخ وفقاً للأدلّة السابقة، والملاحظ أنّ بعض المحدّثين من أهل السنّة ذهبوا إلى أنّ الحديث منسوخ، منهم: الترمذي ـ ناقل الحديث ـ حيث يقول: وقد رأى بعض أهل العلم أنّ هذا كان قبل أن يرخّص النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في زيارة القبور، فلمّا رخّص دخل في رخصته الرجال والنساء.[2]

قال القرطبي: هذا اللعن إنّما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصفة من المبالغة، ولعلّ السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرّج، وما ينشأ منهنّ من الصياح ونحو ذلك.[3]

الحديث الثاني:

روى ابن ماجة عن علي(عليه السلام): قال: خرج رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)فإذا نسوةٌ جُلُوس. فقال: «ما يجلسكنّ؟» قلنَ: ننتظر الجنازة. قال: «هل تغسِلنَ؟» قُلْنَ: لا. قال: «هَلْ تَحْمِلنَ؟» قُلْنَ: لا. قال: «هل تدلين فيمن يُدلي؟» قلن: لا. قال: فَارْجعنَ

مأزورات، غير مأجورات».[4]

الجواب

إنّ هذا الحديث لا يمكن الاستدلال به لوجود المناقشة فيه سنداً ودلالة.

أمّا السند فهو ضعيف لوجود عمرو بن دينار في سلسلة السند، وقد وصفه أصحاب الجرح والتعديل بالصفات التالية: مجهول، كذّاب، متروك، يخطأ!!!

ومع كلّ هذه النعوت الذامّة للرجل كيف يركن لحديث يمثّل هو أحد حلقات سنده؟!

وأمّا الدلالة: لو سلمنا بصحّة السند وأغمضنا النظر عن ضعفه، فإنّ الحديث من ناحية الدلالة فيه مناقشة واضحة، وذلك لأنّ الحديث وارد في خصوص النساء المتجمعات للتفرّج على الجنازة ومن دون أن يكون لهنّ مهمة تذكر في خدمة الجنازة. وهذا لا علاقة له بمسألة زيارة القبور، فإنّ التفرّج على الجنازة شيء وزيارة القبور شيء آخر، ولا يمكن إسراء حكم أحدهما إلى الآخر، لوجود الفارق الجوهري بين المسألتين.

وهنا نكتة جديرة بالاهتمام، وهي أنّ الدين الإسلامي هو دين الفطرة، والشريعة الإسلامية هي الشريعة السهلة السمحة كما ورد عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو الدين القائم على الرفق والرأفة والرحمة، فلو فرضنا أنّ امرأة مؤمنة فقدت ولدها العزيز، فإنّ الشيء الوحيد الذي يسلّي هذه المرأة ويخفّف من حزنها وآلامها هو أن تأتي إلى قبر عزيزها وتذرف الدموع الساخنة عليه، وتدعو اللّه له بالرحمة والمغفرة، وتهدي إلى روحه أنواع الثواب من قراءة القرآن أو الإطعام وما شاكل ذلك، فلو فرضنا أنّ الإسلام يقف أمام هذه المرأة في عملها ـ الذي هو عمل عقلائي ـ فلا ريب أنّه سيوجّه إليها ضربة روحية، ويحمّل هذه المرأة الثكلى أمراً يصعب تحمّله، فهل ياترى يجتمع هذا النهي بما فيه من القسوة والشدّة مع كون الرسالة سهلة وسمحة؟!

ثمّ إنّنا قد عرفنا من خلال البحوث السابقة أنّ في زيارة القبور منافع جمّة تربوية وروحية، وفيها من العبر والدروس الشيء الكثير، وانّها «تذكّر الآخرة» كما ورد في الحديث، وانّها تعتبر الوسيلة للارتباط الروحي بين الميت وأهله وذويه من خلال قراءة القرآن والفاتحة و….

فكيف يمكن أن نتصوّر أنّ الإسلام الحنيف يحرم المرأة من هذه المنافع الكبيرة والفيض الإلهي العظيم؟!

وبعبارة أُخرى: انّ فلسفة زيارة القبور والتي تذكّر الآخرة وتعتبر سبباً أساسياً للاتّعاظ والاعتبار، غير قابلة للتخصيص أبداً.

نعم لابدّ أن تكون هذه الزيارة منزّهة عن كلّ ما يشين الإنسان أو يجرّه إلى ارتكاب الإثم والمعصية، ولعلّ النهي الذي ادّعي وجوده في هذا المجال ناظر إلى النساء اللواتي لا يلتزمن بمراعاة تلك الشروط التي ينبغي الالتزام بها عند زيارة القبور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سنن ابن ماجة: 1/503، الحديث1576; سنن أبي داود:3/218، الحديث3236وفيه بدل «زوارات» : «زائرات».
[2] سنن الترمذي:3/371ـ 372، باب ما جاء من الرخصة في زيارة القبور.
[3] فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني:3/149.
[4] سنن ابن ماجة: 1/502ـ 503.


لینک کوتاه : https://alnakhil.ir/?p=10647